يشاء " منهم ممن استحق العقاب عدلا " والله على كل شئ قدير " من المغفرة والعذاب عن ابن عباس.
ولفظ الآية عام في جميع الأشياء والقول فيما يخطر بالبال من المعاصي أن الله سبحانه لا يؤاخذ به وإنما يؤاخذ بما يعزم الانسان ويعقد قلبه عليه، مع إمكان التحفظ عنه، فيصير من أفعال القلب فيجازيه به كما يجازيه على أفعال الجوارح و إنما يجازيه جزاء العزم لا جزاء عين تلك المعصية، لأنه لم يباشرها وهذا بخلاف العزم على الطاعة، فان العازم على فعل الطاعة يجازى على عزمه ذلك جزاء تلك الطاعة كما جاء في الاخبار أن المنتظر للصلاة في الصلاة ما دام ينتظرها، وهذا من لطائف نعم الله على عباده انتهى (1).
والظاهر من الأخبار الكثيرة التي يأتي بعضها في هذا الكتاب عدم مؤاخذة هذه الأمة على الخواطر والعزم على المعاصي، فيمكن تخصيص هذه الآية بالعقائد كما هو ظاهر هذه الرواية، وإن أمكن أن تكون نية المعصية والعزم عليها معصية يغفرها الله للمؤمنين، فالمراد بقوله " لمن يشاء " المؤمنون ويؤيده ما ذكره المحقق الطوسي وغيره أن إرادة القبيح قبيحة فتأمل ويظهر من بعض الأخبار أن هذه الآية منسوخة وقد خففها الله عن هذه الأمة كما روى الديلمي في إرشاد القلوب باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام في خبر طويل في معراج النبي صلى الله عليه وآله قال: ثم عرج به حتى انتهى إلى ساق العرش وناجاه بما ذكره الله عز وجل في كتابه قال تعالى " لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " وكانت هذه الآية قد عرضت على سائر الأمم من لدن آدم إلى بعث محمد صلى الله عليه وآله فأبوا جميعا أن يقبلوها من ثقلها وقبلها محمد صلى الله عليه وآله فلما رأى الله عز وجل منه ومن أمته القبول، خفف عنه ثقلها فقال الله عز وجل " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه " ثم إن الله عز وجل تكرم على محمد وأشفق على أمته من تشديد الآية التي قبلها هو وأمته فأجاب عن نفسه وأمته