هلا شققت قلبه أو هل شققت قلبه، على بعض النسخ، يريد بذلك الانكار عليه حيث لم يكتف بالشهادتين منه والجواب عن الأول أن الخروج عن الكفر بكلمة الشهادة إن أرادوا به الخروج في نفس الامر بحيث يصير مؤمنا عند الله سبحانه بمجرد ذلك، من دون تصديق فهو ممنوع، لم لا يجوز أن يكون اكتفاؤهم بذلك للترغيب في الاسلام لا للحكم بالايمان؟
وإن أرادوا به الخروج بحسب الظاهر، فهو مسلم لكن لا ينفعهم، إذ الكلام فيما يتحقق به الايمان عند الله تعالى بحيث يصير المتصف به مؤمنا في نفس الامر، لا فيما يتحقق به الاسلام في ظاهر الشرع، حيث لا يمكن الاطلاع على الباطن، ألا ترى أنهم كانوا يحكمون بكفر من ظهر منه النفاق، بعد الحكم باسلامه، ولو كان مؤمنا في نفس الامر لما جاز ذلك، وأما نفي الواسطة (1) فهو مستقيم على أخذ الحكم في نفس الامر، فان حال المكلف في نفس الامر لا يخلو عن أحدهما، وأما جعل لا إله إلا الله غاية للقتال فلا يدل على أكثر من كونه للترغيب في الاسلام أيضا بسبب حقن الدماء، على أن النبي صلى الله عليه وآله ربما لا يطلع على بواطن الناس، فكيف يؤمر بالقتال على مالا يطلع عليه.
وأما أهل الثالث، وهم قدماء المعتزلة، القائلون بأنه جميع الطاعات فرضا ونفلا، فمن أمتن دلائلهم على ذلك قوله تعالى: " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة " (2) والمشار إليه بذلك هو جميع ما حصر بإلا وما عطف عليه، والدين هو الاسلام لقوله تعالى " إن الدين عند الله الاسلام " (3) والاسلام هو الايمان لقوله تعالى " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه " (4) ولا ريب أن الايمان مقبول من مبتغيه للنص والاجماع، فيكون إسلاما، فيكون دينا، فيعتبر فيه الطاعات كما دلت عليه الآيات.