طلبها عار وعيب، قال ابن ميثم رحمه الله: قوله عليه السلام فمن الايمان إلى آخره قسمة للايمان إلى قسمين أحدهما الثابت المستقر في القلوب الذي صار ملكة، وثانيهما ما كان في معرض الغير والانتقال، واستعار عليه السلام لفظ العواري لكونه في معرض الاسترجاع والرد، وكنى عليه السلام بكونه بين القلوب والصدور عن كونه غير مستقر في القلوب ولا متمكن من جواهر النفوس (1).
وقال ابن أبي الحديد: أراد عليه السلام: من الايمان ما يكون على سبيل الاخلاص ومنه ما يكون على سبيل النفاق (2) وقوله عليه السلام " إلى أجل معلوم " ترشيح لاستعارة العواري وهذه القسمة إلى القسمين هي الموجودة في نسخة الرضي رضي الله عنه بخطه وفي نسخ كثير من الشارحين ونسخ كثيرة معتبرة ثلاثة أقسام هكذا " فمن الايمان ما يكون ثابتا مستقرا في القلوب، ومنه ما يكون عواري [في القلوب، ومنه ما يكون عواري] (3) بين القلوب والصدور إلى أجل معلوم.
وقال ابن أبي الحديد في بيانها: إن الايمان إما أن يكون ثابتا مستقرا بالبرهان وهو الايمان الحقيقي، أو ليس بثابت بالبرهان بل بالدليل الجدلي ككثير ممن لم يحقق العلوم العقلية وهو الذي عبر عليه السلام عنه بقوله عواري في القلوب فهو وإن كان في القلب الذي هو محل الايمان الحقيقي إلا أن حكمه حكم العارية في البيت وإما أن يستند إلى تقليد وحسن ظن بالاسلاف وقد جعله عليه السلام عواري بين القلوب والصدور، لأنه دون الثاني فلم يجعله حالا في القلب، ورد قوله عليه السلام إلى أجل معلوم إلى القسمين الأخيرين لان من لم يبلغ درجة البرهان ربما ينحط إلى درجة المقلد، فيكون إيمان كل منهما إلى أجل معلوم، لكونه في معرض الزوال.
" فإذا كانت لكم براءة " الخ قيل: أي إذا أردتم التبري من أحد فاجعلوه موقوفا إلى حال الموت، ولا تسارعوا إلى البراءة منه قبل الموت، لأنه يجوز أن يتوب ويرجع، فإذا مات ولم يتب جازت البراءة منه، لأنه ليس له بعد الموت حالة