خسرت تجارته، لأنكم خسرتم الجنة، وخضتم في النار انتهى (1) فان قيل: هذه الآيات في السور المكية، وكذا قوله " ولا تقف " الخ كما يدل عليه خبر محمد بن سالم أيضا فكيف صارت أعمال الجوارح فيها أجزاء من الايمان، وكيف توعد عليها؟ قلت: لعل الوعيد فيها باعتبار كفرهم وشركهم لا أنها تدل على أنهم إنما فعلوا ذلك كفرا بالله واستهانة بأمره، وظنهم أنه سبحانه لا يعلم كثيرا مما يعملون فالوعيد على شركهم وإتيانهم بتلك الأعمال من جهة الاستخفاف والاستحلال وقفوا ما ليس لهم به علم كان في أصول الدين مع أنه قد مر أنه ليس فيها وعيد بالنار وكون جميع آيات حم مكية لم يثبت لعدم الاعتماد على قول المفسرين من العامة ويحتمل أن يكون الغرض هنا محض كون الأعمال متعلقة بالجوارح، وأن لها مدخلا في الايمان، وإن كان مدخليتها في كماله، والمقصود في هذا الخبر أمر آخر وكذا الكلام في قوله " ولا تمش في الأرض مرحا " فإنها أيضا مكية.
قوله " إلى ما حرم الله " مثل القتل والضرب والنهب والسرقة وكتابة الجور والكذب والظلم ومس الأجانب ونحوها " وفرض عليهما من الصدقة وصلة الرحم " إذ إيصال الصدقة إلى الفقراء، والخير إلى الأقرباء، والضرب والبطش والقتل في الجهاد، والطهور للصلاة من فروض اليد، وقيل يفهم منه وجوب استعمال اليد في غسل الوجه، وهو إما لأنه الفرد الغالب، أو لأنه فرد الواجب التخييري.
وأقول: يمكن أن يكون غسل الوجه داخلا فيما سيأتي من قوله " وقال فيما فرض الله ".
" فضرب الرقاب " (2) ضرب الرقاب عبارة عن القتل بضرب العنق، وأصله فاضربوا الرقاب ضربا حذف الفعل وأقيم المصدر مقامه وأضيف إلى المفعول، والاثخان إكثار القتل أو الجراح بحيث لا يقدر على النهوض، والوثاق بالفتح والكسر ما يوثق به، وشده كناية عن الأسر و " منا " و " فداء " مفعول مطلق لفعل محذوف، أي فإما