وفيه أنه سهل ليكن محذوفا، وأبعد منه ما يقال إن التقدير قل لهم غضوا فإنك إن تقل لهم يغضوا، وأصل الغض النقصان والخفض كما في قوله " واغضض من صوتك " (1) وأجاز الأخفش أن تكون من زائدة وأباه سيبويه، وقال إنه للتبعيض ولعله الوجه، وليس المراد نقص المبصرات وتبعيضها ولا الابصار، بل النظر بها، وهو المراد مما قيل: المراد غض البصر وخفضه عما يحرم النظر إليه و الاقتصار به على ما يحل، وكذا قوله " ويحفظوا فروجهم " أي إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، فلما كان المستثنى هنا كالشاذ النادر مع كونه معروفا معلوما بخلافه في غض الابصار أطلق الحفظ هنا وقيد الغض بحرف التبعيض، وفي الكشاف: ويجوز أن يراد مع حفظها عن الافضاء إلى مالا يحل حفظها عن الابداء وهذه الرواية وغيرها تدل على أن المراد بحفظ الفرج هنا ستره عن أن ينظر إليه أحد وكذا ظاهر الرواية تخصيص غض البصر بترك النظر إلى العورة.
قوله عليه السلام " ثم نظم " أقول في تفسير النعماني: ثم نظم تعالى ما فرض على السمع والبصر والفرج في آية واحدة فقال " وما كنتم " وهو أظهر، وما هنا يحتاج إلى تكلف في إدخال اللسان والقلب، فقيل المراد بالاستتار ترك ذكر الأعمال القبيحة في المجالس " وأن يشهد " بتقدير من أن يشهد متعلقا بالاستتار بتضمين معنى الخوف، فقوله " تستترون " إشارة إلى فرض القلب واللسان معا، ويحتمل أن يكون المراد بالآية الأخرى الجنس أي الآيتين والفؤاد داخل في الآية الثانية وكذا اللسان، لان قوله، " لا تقف " عبارة عن عدم متابعة غير المعلوم بعدم التصديق به بالقلب، وعدم إظهار العلم به باللسان " وما كنتم تستترون " قبل هذه الآية في حم تنزيل " ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا؟ قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون " (2) قال الطبرسي قدس سره: أي شهد عليهم سمعهم بما قرعه من الدعاء