في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية: يا بني لا تقل مالا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فان الله تبارك وتعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة ويسألك عنها وساق الحديث إلى أن قال: ثم استعبدها بطاعته فقال عز وجل " يا أيها الذين آمنوا اركعوا - إلى قوله - لعلكم تفلحون " فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح، وقال عز وجل: " وأن المساجد " الخ يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والابهامين الحديث بطوله.
قوله " وقال فيما فرض على الجوارح من الطهور والصلاة بها " أي بالجوارح وكأن مفعول القول محذوف، أي ما قال، أو من الطهور مفعوله بزيادة من، أو بتقدير شيئا أو كثيرا، أو المراد قال ذلك أي آية المساجد فيما فرض الله على هذه الجوارح من الطهور والصلاة، لان الطهور أيضا يتعلق بالمساجد، وعلى التقادير قوله " وذلك " إشارة إلى كون الآيات السابقة دليلا على كون الايمان مبثوثا على الجوارح، لأنها إنما دلت على أن الله تعالى فرض أعمالا متعلقة بتلك الجوارح ولم تدل على أنها إيمان، فاستدل على ذلك بأن الله تعالى سمى الصلاة المتعلقة بجميع الجوارح إيمانا فتم به الاستدلال بالآيات المذكورة على المطلوب، والظاهر أن في العبارة سقطا أو تحريفا أو اختصارا مخلا من الرواة، أو من المصنف كما يدل عليه ما سيأتي نقلا من النعماني، وفي رواية ابن قولويه: وقال في موضع آخر " وأن المساجد " الآية فروى أصحابنا في غير هذا الحديث أنه عنى عز وجل بذلك هذه الجوارح الخمس، وقال في موضع آخر فيما فرض على هذه الجوارح من الطهور والصلاة وذلك أن الله تبارك وتعالى لما صرف نبيه صلوات الله عليه وآله إلى الكعبة عن بيت المقدس قال المسلمون للنبي صلى الله عليه وآله: يا رسول الله أرأيت صلاتنا التي كنا نصلي إلى بيت المقدس ما حالها وحالنا فيها؟ وحال من مضى من أمواتنا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله عز وجل " وما كان الله " الآية. ويحتمل أن يكون مفعول القول " وما كان الله ليضيع إيمانكم " أو مبهما يفسره ذلك، حذف لدلالة التعليل عليه، وقوله " وذلك " تعليل للقول أي النزول، وقوله: " فأنزل الله "