علم أن الصوم بعدها، إلا أن يكون ذلك تمهيدا للسؤال الثاني أو يقال: لما لم يكن كلامه عليه السلام أولا صريحا في كون تلك الأعمال أفضل من غيرها، فهذا السؤال لاستعلام أنه هل بين الصوم والحج عمل يكون أفضل منه.
قوله " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " في بعض النسخ " وقال رسول الله " فيكون من كلام الراوي أي كيف يكون مؤخرا عنها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيه ذلك وعلى النسخة الأخرى لعله إنما ذكر عليه السلام حديثا في فضل الصوم دفعا لما عسى أن يتوهم السائل أنه مما لا فضل فيه، أو أنه قليل الاجر، " وكونه جنة من النار " لان أعظم أسباب النار الشهوات، والصوم يكسرها، والظرف متعلق بجنة لتضمنه معنى الوقاية أو الستر أو التبعيد.
ثم ذكر عليه السلام للفضل قاعدة كلية، وهو أن الأفضل ما لم يقم شئ آخر مقامه، وكأن المراد بالتوبة هنا المعنى اللغوي بمعنى الرجوع أو أطلقت على ما ينوب مناب الشئ مجازا، أو أنه عليه السلام لما أطلق الذنب على الترك وإن كان لعذر أطلق على ما يتداركه التوبة، قوله " أو قصرت " يعني في شئ من شرائطه أو أركانه وفي المحاسن " أو قصرت وسافرت " أي قصرت بسبب السفر.
والحاصل أنه عليه السلام أشار إلى أقسام الفوات وأحكامه إجمالا، لان الفوات إما للعذر مثل المرض وغره، أو التقصير أو التعمد في تركه، أو السفر وشبهه واللازم إما القضاء فقط أو الكفارة فقط أو هما معا، أولا هذا ولا ذاك، وتفصيله في كتب الفروع، والغرض بيان الفرق بين الصوم والأربعة الباقية بأن الأربعة لا تسقط مع الاستطاعة والصوم يسقط في السفر مع القدرة عليه وذكر السفر على المثال، ويمكن أن يكون عدم ذكر المرض لأنه قد ينتهي إلى حال لا يقدر على الصوم فيه ومع السقوط في السفر يؤدي مكانه أياما، وقد يسقط القضاء أيضا كما إذا استمر مرضه إلى رمضان آخر وكان فيه دلالة على بطلان قول من قال إن فاقد الطهورين تسقط عنه الصلاة أداء وقضاء ويحتمل أن يكون ذكر الشق الأول استطرادا ويكون الغرض أن الصوم