فقال: كثير، فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه (1) ولا يمدح بنا غاليا، ولا يخاصم لنا واليا، ولا يجالس لنا عائبا ولا يحدث لنا ثالبا ولا يحب لنا مبغضا، ولا يبغض لنا محبا.
فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون؟
فقال: فيهم التمييز وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتي عليهم سنون تفنيهم وسيوف تقتلهم، واختلاف تبددهم، إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب (2) ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعا قلت: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة؟ فقال: اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخشن عيشهم، المنتقلة دارهم، الذين إن شهدوا لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، أولئك الذين في أموالهم يتواسون، وفي قبورهم يتزاورون، ولا يختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان (3).
وروي أيضا، عن محمد بن همام، عن حميد بن زياد الكوفي، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن علي بن منصور، عن إبراهيم ابن مهزم، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام: مثله إلا أنه زاد فيه: وإن رأوا مؤمنا أكرموه وإن رأوا منافقا هجروه، وعند الموت لا يجزعون، وفي قبورهم يتزاورون