الثامن: يقال: إن من خواص الفرس أن كل واحد منها يعرف صوت الفرس الذي قاتله، والكلاب تتعالج بالعشبة المعروفة لها، والفهد إذا سقي الدواء المعروف بخانق الفهد (1) طلب زبل الانسان فأكله، والتمساح تفتح فاها لطائر مخصوص يدخل في فمها وينظف ما بين أسنانها وعلى رأس ذلك الطير شئ كالشوك، فإذا هم التمساح بالتقام ذلك الطير تأذى من ذلك الشوك ففتح فاه فخرج ذلك الطير، والسلحفاة تتناول بعد أكل الحية صعترا جبليا ثم تعود قد شوهد ذلك، وحكى بعض الثقات المحبين للصيد أنه شاهد الحبارى تقاتل الأفعى وتنهزم عنه إلى بقلة تتناول منها ثم تعود ولا تزال تفعل ذلك، وكان ذلك الشيخ قاعدا في كن غاير كما تفعله الصيادون وكانت البقلة قريبة في ذلك الموضع، فلما اشتغل الحبارى بالأفعى قلع الرجل تلك البقلة فعادت الحبارى إلى منبتها فأخذت تدور حول منبتها دورانا متتابعا ثم سقطت وماتت فعلم ذلك الرجل أنها كانت تتعالج بأكلها من لسعة الأفعى، وتلك البقلة هي الخس البري (2)، وأما ابن عرس فإنه يستظهر في قتال الحية بأكل السداب، فان النكهة السدابية مما يكرهها الأفعى، والكلاب إذا تدود بطنها أكلت سنبل الحية، وإذا جرحت اللقالق بعضها بعضا عالجت تلك الجراحات بالصعتر الجبلي، فتأمل من أين حصلت لهذه الحيوانات هذا الطب وهذا العلاج.
التاسع: أن القنافذ قد تحس بريح الشمال والجنوب قبل الهبوب فتغير المدخل إلى حجرتها، يحكي أنه كان بالقسطنطينية رجل قد جمع مالا كثيرا بسبب أنه كان ينذر بالرياح قبل هبوبها وينتفع الناس بذلك الانذار وكان السبب فيه قنفذ في داره يفعل الفعل المذكور.
العاشر: أن الخطاف صناع حسن في اتخاذ العش لنفسه من الطين وقطع الخشب، فإذا أعوزه الطين ابتل وتمرغ في التراب ليحمل جناحاه قدرا من الطين وإذا أفرخ بالغ في تعهد الفراخ ويأخذ زرقها بمنقارها ويرميها عن العش ثم