به " (1)، وحكاية عن النملة " يا أيها النمل ادخلوا (2) مساكنكم " الآية (3).
وقال الرازي في المطالب العالية في البحث عن نفوس سائر الحيوانات: أما الفلاسفة المتأخرون فقد اتفقوا على أن لها قوي جسمانية وأنه يمتنع أن تكون لها نفوس مجردة، ولم يذكروا في تقريره حجة ولا شبهة، وليس لاحد أن يقول:
لو كانت نفوسها مجردة لوجب كونها مساوية للنفوس البشرية في تمام الماهية فيلزم وقوع الاستواء في العلوم والأخلاق، وذلك محال، فانا نقول: الاستواء في التجرد استواء في قيد سلبي، وقد عرفت أن الاستواء في القيود السلبية لا يوجب الاستواء في تمام الماهية، وأما سائر الناس فقد اختلفوا في أنه هل لها نفوس مجردة وهل لها شئ من القوة العقلية أم لا؟ فزعم طائفة من أهل النظر ومن أهل الأثر أن ذلك ثابت، واحتجوا على صحته بالمعقول والمنقول، أما المعقول فهو أنهم قالوا: إنا نشاهد من هذه الحيوانات أفعالا لا يصدر إلا من أفاضل العقلاء، وذلك يدل على أن لها قدرا من العقل، وبينوا ذلك بوجوه:
الأول: أن الفارة تدخل ذنبها في قارورة الدهن ثم تلحسه، وهذا الفعل لا يصدر عنها إلا لعلمها بمجموع مقدمات: فأحدها أنها محتاجة إلى الدهن، وثانيها:
أن رأسها لا تدخل في القارورة، وثالثها: أن ذنبها تدخل، ورابعها: أن المقصود حاصل بهذا الطريق فوجب الاقدام عليه.
الثاني: أن النحل يبني البيوت المسدسة، وهذا الشكل فيه منفعتان لا يحصلان إلا من المسدس، وتقريره أن الاشكال على قسمين: منها: أشكال متى ضم بعضها إلى بعض امتلأت العرصة منها، إلا أن زواياها ضيقة فتبقى معطلة، ومنها: أشكال ليست كذلك فالقسم الأول كالمثلثات والمربعات فإنهما وإن امتلأت العرصة منهاها إلا أن زوايا ضيقة فيبقى معطلة وأما المسبع والمثمن وغيرهما فزواياها وإن كانت واسعة إلا أنه لا تمتلى العرصة