أجل ذلك صار الصيادون يجعلونها تحت شباكهم ليقع لهم الطير، ونقل المسعودي عن الجاحظ أن البومة لا تطير (1) بالنهار خوفا من أن تصاب بالعين لحسنها وجمالها ولما تصور في نفسها أنها أحسن الطير لم تظهر إلا بالليل، وتزعم العرب في أكاذيبها أن الانسان إذا مات أو قتل يتصور (2) نفسه في صورة طائر يصرخ على قبره مستوحشة لجسدها.
والبوم أصناف وكلها تحب الخلوة بنفسها (3) والتفرد، وفي أصل طبعها عداوة الغربان.
وفي تاريخ ابن النجار أن كسرى قال لعامل له: صد لي شر الطير واشوه بشر الوقود وأطعمه شر الناس، فصاد بومة وشواها بحطب الدفلي وأطعمها ساعيا.
وفي سراج الملوك لأبي بكر الطرطوسي أن عبد الملك بن مروان أرق (4) ليلة فاستدعى سميرا (5) له يحدثه فكان فيما حدثه به أن قال: يا أمير المؤمنين كان بالموصل بومة وبالبصرة بومة، فخطبت بومة الموصل إلى بومة البصرة بنتها لابنها، فقالت بومة البصرة: لا أفعل إلا أن تجعل لي صداقها مائة ضيعة خراب، فقالت بومة الموصل:
لا أقدر على ذلك الآن ولكن إن دام والينا علينا سلمه الله تعالى سنة واحدة فعلت ذلك فاستيقظ لها عبد الملك وجلس للمظالم وأنصف الناس بعضهم عن بعض، وتفقد أمر الولاة.
ورأيت في بعض المجاميع بخط بعض العلماء الأكابر أن المأمون أشرف يوما من قصره فرأى رجلا قائما وبيده فحمة وهو يكتب بها على حائط قصره، فقال المأمون