من ذلك فإنك ترى في جوف السمكة الواحدة من البيض مالا يحصى كثرة، والعلة في ذلك أن يتسع لما يغتذي به من أصناف الحيوان، فان أكثرها يأكل السمك حتى أن السباع أيضا في حافات الآجام (1) عاكفة على الماء (2) أيضا كي ترصد السمك فإذا مر بها خطفته، فلما كانت السباع تأكل السمك والطير يأكل السمك والناس يأكلون السمك والسمك يأكل السمك كان من التدبير فيه أن يكون على ما هو عليه من الكثرة فإذا أردت أن تعرف سعة حكمة الخالق وقصر علم المخلوقين فانظر إلى ما في البحار من ضروب السمك ودواب الماء والأصداف والأصناف التي لا تحصى ولا تعرف منافعها إلا الشئ بعد الشئ يدركه الناس بأسباب تحدث، مثل القرمز فإنه إنما عرف الناس صبغه بأن كلبة تجول على شاطئ البحر فوجدت شيئا من الصنف الذي يسمي الحلزون فأكلته فاختضب خطمها بدمه، فنظر الناس إلى حسنه فاتخذوه صبغا، وأشباه هذا مما يقف الناس عليه حالا بعد حال وزمانا بعد زمان (3).
توضيح: وأوكدها، أي أوكد الأشياء وأحوجها إلى هذا النوع من الخلق هذه الصناعات، ويمكن أن يكون فعلا والضمير راجعا إلى جنس البشر، أي ألزمها وألهمها هذه الصناعات، ولا يبعد إرجاعه إلى الكف أيضا، والململم بفتح اللامين:
المجتمع المدور المصموم، واليمام: حمام الوحش، وفي حياة الحيوان: قال الأصمعي:
إنه الحمام الوحشي، الواحدة يمامة وقال الكسائي: هي التي تألف البيوت، (4) وقال: الحمر بضم الحاء المهملة وتشديد الميم وبالراء المهملة: ضرب من الطير كالعصفور، وروى أبو داود الطيالسي والحاكم - وقال: صحيح الاسناد - عن ابن مسعود قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدخل رجل غيضة فأخرج منها بيضة حمرة فجاءت