يمكن أن يكون للبعوض أنواع صغار لا يكون شئ من الحيوانات أصغر منها، و الوالع غير مذكور في كتب اللغة، والظاهر أنه أيضا صنف من البعوض. وقال الدميري:
البعوض: دويبة. وقال الجوهري: إنه البق الواحدة بعوضة، وهو وهم، والحق أنهما صنفان صنف كالقراد، لكن له أرجل خفية (1) ورطوبة ظاهرة يسمى بالعراق والشام الجرجس، قال الجوهري: وهو لغة في القرقس وهو البعوض الصغار. والبعوض على خلقة الفيل إلا أنه أكثر أعضاء منه، فان للفيل أربعة أرجل وخرطوما وذنبا وللبعوض مع هذه الأعضاء رجلان زائدتان وأربعة أجنحة، وخرطوم الفيل مصمت و خرطومه مجوف نافذ للجوف، فإذا طعن به جسد الانسان استقى الدم وقذف به إلى جوفه، فهو له كالبلعوم والحلقوم، فلذلك اشتد عضها وقويت على خرق الجلود الغلاظ، ومما ألهمه الله تعالى أنه إذا جلس على عضو من أعضاء الانسان لا يزال يتوخى بخرطومه المسام التي يخرج منها العرق لأنها أرق بشرة من جلد الانسان، فإذا وجدها وضع خرطومه فيها وفيه من الشرة أن يمص الدم إلى ينشق ويموت أو إلى أن يعجز عن الطيران فيكون ذلك سبب هلاكه، ومن ظريف (2) أمره أنه ربما قتل البعير وغيره من ذوات الأربع فيبقى طريحا في الصحراء فيجتمع حوله السباع والطير مما يأكل الجيف (3)، فمتى أكل منها شيئا مات لوقته. وكان بعض جبابرة الملوك بالعراق يعذب بالبعوض فيأخذ من يريد قتله فيخرجه مجردا إلى بعض الآجام التي بالبطائح ويتركه فيها مكتوفا فيقتل في أسرع وقت.
وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء.
وروى وهب بن منبه: أرسل الله (4) البعوض على نمرود، واجتمع منه في عسكره