في موضع آخر: " سرابيل تقيكم الحر " (1) فعلم أنها تقي البرد أيضا فكذلك ههنا، وقيل: إن معناه وخلق الانعام لكم، أي لمنافعكم، ثم ابتدأ وأخبر فقال:
" فيها دفء ومنافع " أي ولكم فيها منافع اخر من الحمل والركوب وإثارة الأرض والدر (2) والنسل، " ومنها تأكلون " أي ومن لحومها تأكلون، " ولكم فيها جمال " أي حسن منظر وزينة، " حين تريحون " أي حين تردونها إلى مراحها وهو حيث تأوي إليه ليلا، " وحين تسرحون " أي ترسلونها بالغداة إلى مراعيها وأحسن ما تكون إذا راحت عظاما ضروعها ممتلية بطونها منتصبة أسنمتها (3) وكذلك إذا سرحت إلى المراعي رافعة رؤوسها فيقول الناس: هذا جمال فلان ومواشيه، فيكون له فيها جمال، " وتحمل أثقالكم " أي أمتعتكم " إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس " أي وتحمل الإبل وبعض البقر أحمالكم الثقيلة إلى بلد بعيد لا يمكنكم أن تبلغوه من دون الأحمال الا بمشقة وكلفة تلحق أنفسكم، فكيف تبلغونه مع الأحمال لولا أن الله سخر هذه الانعام لكم حتى حملت أثقالكم إلى أين شئتم، وقيل: إن الشق معناه الشطر والنصف، فيكون المراد إلا بأن يذهب شطر قوتكم، أي نصف قوة الأنفس، وقيل معناه تحمل أثقالكم إلى مكة لأنها من بلاد الفلوات، ابن عباس وعكرمة " إن ربكم لرؤف رحيم " أي ذو رأفة ورحمة، ولذلك أنعم عليكم بخلق هذه الانعام ابتداء منه بهذا الانعام (4).
" والخيل " أي وخلق لكم الخيل " والبغال والحمير لتركبوها " في حوائجكم وتصرفاتكم " وزينة " أي ولتتزينوا بها، من الله سبحانه على خلقه، بأن خلق لهم من الحيوان ما يركبونه ويتجملون به، وليس في هذا ما يدل على تحريم أكل لحومها