تفتره عن عمله، منها ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء السعة ونار الهوى.
وفي مستدرك الدارمي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: كونوا في الناس كالنحلة في الطير إنه ليس في الطير إلا وهو يستضعفها، ولو تعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها (1)، وخالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزائلوهم بأعمالكم وقلوبكم فان للمرء ما اكتسب وهو يوم القيامة مع من أحب.
وفيه أيضا عن ابن عباس أنه سأل كعب الأحبار كيف تجد نعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التوراة؟ فقال كعب: نجده محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم يولد بمكة ويهاجر إلى طيبة و يكون ملكه بالشام، ليس بفحاش ولا صخاب في الأسواق، ولا يكافئ السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح، أمته الحامدون (2) يحمدون الله تعالى في كل سراء وضراء، يوضئون أطرافهم، ويأتزرون في أوسطهم، يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم، دويهم في مساجدهم كدوي النحل، يسمع مناديهم في جو السماء.
وذكر ابن خلكان في ترجمة عبد المؤمن بن علي ملك المغرب أن أباه كان يعمل الطين فخارا، وإنه كان في صغره نائما في دار أبيه وأبوه يعمل الطين، فسمع أبوه دويا في السماء فرفع رأسه فرأى سحابة سوداء من النحل قد هوت مطبقة على الدار فاجتمعت كلها على ولده وهو نائم فغطته وأقامت عليه مدة ثم ارتفعت عنه وما تألم منها، وكان بالقرب منه رجل يعرف الزجر فأخبره أبوه بذلك فقال: يوشك أن يجتمع على ولدك أهل المغرب (3)، فكان كذلك، وكان من أمر ولده ما اشتهر من ملك المغرب الاعلى والأدنى.
وجمهور الناس على أن العسل يخرج من أفواه النحل. وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال تحقيرا للدنيا: " أشرف لباس ابن آدم لعاب دودة، وأشرف