الاحراق، ألا ترى قوله: " فهلا نملة واحدة "؟ وهو بخلاف شرعنا فان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى عن تعذيب الحيوان بالنار وقال: " لا يعذب بالنار إلا الله تعالى " فلا يجوز إحراق الحيوان بالنار إلا إذا أحرق إنسانا فمات بالاحراق فلوارثه الاقتصاص بالاحراق للجاني.
وأما قتل النملة فمذهبنا لا يجوز لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد. رواه أبو داود باسناد صحيح على شرط الشيخين، والمراد النمل الكبير السليماني كما قاله الخطابي والبغوي في شرح السنة، أما النمل الصغير المسمى بالذر فقتله جائز، وكره مالك قتل النمل إلا أن يضر ولا يقدر على دفعه إلا بالقتل، وأطلق ابن أبي زيد جواز قتل النمل إذا آذت، وقيل: إنما عاتب الله تعالى هذا النبي لانتقامه لنفسه بإهلاك جمع آذاه واحد منهم، وكان الأولى به الصفح والصبر، ولكن وقع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا النوع مؤذ لبني آدم، وحرمة بني آدم أعظم من حرمة غيره من الحيوان، فلو انفرد له هذا النظر ولم ينضم إليه التشفي الطبيعي لم يعاتب، فعوتب على التشفي بذلك والله أعلم.
وروى الطبراني في معجمه الأوسط والدار قطني (1) أنه قال: لما كلم الله موسى عليه السلام كان يبصر دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء من مسيرة عشرة فراسخ.
وروى الترمذي الحكيم في نوادره عن معقل بن يسار قال: قال أبو بكر وشهد به على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الشرك فقال: هو أخفي فيكم من دبيب النمل وسأدلك على شئ إذا فعلته أذهب الله عنك صغار الشرك وكباره، تقول:
" اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم " (2) تقولها ثلاث مرات.
وروي أيضا عن أبي أمامة الباهلي قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلان أحدهما