ثم إن الله تعالى هبط (1) إلى الأرض في ظلل من الغمام والملائكة، وأهبط أنوارنا أهل البيت معه، فأوقفنا صفوفا بين يديه نسبحه في أرضه كما سبحناه في سمائه، ونقدسه في أرضه كما قدسناه في سمائه، ونعبده في أرضه كما عبدناه في سمائه، فلما أراد الله إخراج ذرية آدم عليه السلام سلك النور فيه ثم أخرج ذريته من صلبه يلبون، فسبحنا فسبحوا بتسبيحنا، ولولا ذلك لما دروا كيف يسبحون الله عز وجل، ثم تراءى (2) لهم لاخذ الميثاق لهم بالربوبية، فكنا أول من قال: بلى عند قوله: * (ألست بربكم) * (3).
ثم أخذ الميثاق منهم بالنبوة لمحمد صلى الله عليه وآله ولعلي عليه السلام بالولاية، أقر من أقر، وجحد من جحد.
ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فنحن أول خلق ابتدأه الله، وأول خلق عبد الله وسبحه، ونحن سبب خلق الخلق وسبب تسبيحهم وعبادتهم من الملائكة والآدميين، فبنا عرف الله، وبنا وحد الله، وبنا عبد الله، وبنا أكرم الله من أكرم من جميع خلقه، وبنا أثاب الله من أثاب، وعاقب من عاقب، ثم تلا قوله تعالى:
* (وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون) * (4) وقوله تعالى: * (قل إن الله للرحمن ولد فأنا أول العابدين) * (5)، فرسول الله صلى الله عليه وآله أول من عبد الله تعالى، وأول من أنكر أن يكون له ولد أو شريك، ثم نحن بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله - ثم هو أودعنا بذلك صلب آدم عليه الصلاة والسلام -، فما زال ذلك النور ينتقل