يخطب بدمشق يشتم [أمير المؤمنين] (1) علي بن أبي طالب عليه السلام في كل يوم وينتقصه، قال: فأحضره وسأله عن ذلك، فأقر له بذلك، فقال له: وما حملك على ما أنت عليه؟
قال: لأنه قتل آبائي، وسبي الذراري، فلذلك الحقد له في قلبي، ولست أفارق ما أنا عليه (2).
فقيده وغلغله وحبسه وكتب إلي بخبره، فأمرته أن يحمله إلي على حالته من القيود، فلما مثل بين يدي زبرته وصحت به، وقلت: أنت الشاتم لعلي بن أبي طالب؟!
فقال: نعم.
قلت: ويلك قتل من قتل، وسبى من سبي بأمر الله تعالى، وأمر النبي صلى الله عليه وآله. قال: ما أفارق ما أنا عليه، ولا تطيب نفسي إلا به.
فدعوت بالسياط والعقابين (3)، فأقمته بحضرتي هاهنا، وظهره إلي، فأمرت الجلاد فجلده مائة سوط، فأكثر الصياح والغياث، فبال في مكانه، فأمرت به فنحي عن العقابين، وادخل ذلك البيت وأومى بيده إلى بيت في الإيوان وأمرت أن يغلق الباب عليه [وإقفاله] (4)، ففعل ذلك، ومضى النهار، وأقبل الليل، ولم أبرح من موضعي هذا حتى صليت العتمة.
ثم بقيت ساهرا أفكر في قتله وفي عذابه، وبأي شئ أعذبه، مرة أقول: