شيئا فنزل قوله تعالى ﴿قل إنما انا بشر مثلكم يوحى إلى إنما إلهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا﴾ (١) والتحقيق ان السرور باطلاع الناس إلى قسمين محمود ومذموم والمحمود ثلاثة:
الأول أن يكون من قصده اخفاء الطاعة والاخلاص لله سبحانه، ولكن لما اطلع عليه الخلق علم أن الله تعالى اطلعهم عليه واظهر لهم الجميل من عمله تكرما منه وتفضلا وهو من صفاته تعالى الا تراه يدعى؟ (يا من أظهر الجميل وستر القبيح) وفى بعض وحيه جل جلاله عملك الصالح عليك ستره وعلى اظهاره، فيستدل بذلك على حسن صنع الله به ونظره له ولطفه به، فان العبد يستر الطاعة والمعصية، والله بكرمه ستر المعصية وأظهر الطاعة، ولا لطف أعظم من ستر القبيح واظهار الحسن فيكون فرحه بجميل صنع الله لا بحمد الناس وحصول المنزلة في قلوبهم ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا﴾ (2).
الثاني ان يستدل باظهار الجميل وستر القبيح في الدنيا انه تعالى كذلك يفعل به في الآخرة إذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما ستر الله على عبد في الدنيا الا ستر عليه في الآخرة الثالث ان يحمده المطلعون عليه فستره طاعتهم لله في ذلك ومحبته لمحبتهم طاعة الله، ومن اطاعه وميل قلوبهم إلى الطاعة، فان من الناس من يرى أهل الطاعة فيمقتهم ويحسدهم ويهز لهم وينسبهم إلى التصنع فهذا النوع من الفرح حسن ليس بمذموم، وعلامة الاخلاص في هذا النوع بان لا يزيده اطلاعهم هزة في العمل بل يستوى حالتاه في اطلاعهم وعدمه، وان وجده من (في) النفس هزة وزيادة في النشاط فليعلم انه مراء فليجتهد في ازالته برادع العقل والدين، والا فهو من الهالكين (3).