الرياء شرك (1) (خفى) فان قدر الانسان على أن يدفع عن نفسه باعث الرياء ويستنخر (2) النفس بالعمل لله تعالى عقوبة للنفس على خاطر الرياء وكفارة عليه فليشغل بالعمل، والا فالترك أسلم.
الثاني أن ينبعث العزم على العمل لله تعالى لكن يعترض مع عقد العبادة في أولها فلا ينبغي أن يترك العمل لأنه وجد باعثا دينيا فليشرع في العمل وليجاهد نفسه في دفع الرياء وتحصيل الاخلاص بالمعالجة التي نذكرها فيما يأتي، ولان في ترك العمل موافقة للشيطان وسرورا له وهذا كان مقصوده باعتراضه لك فيكون قد حصلت له مقصوده، وأظفرته بمقترحه ومراده.
الثالث ان يعقد على الاخلاص قلبه ثم يطرء الرياء ودواعيه، فينبغي أن يجاهد في الدفع ولا يترك العمل لكن يرجع إلى عقد الاخلاص ويرد نفسه إليه برادع العقل والدين حتى يتم العمل لان الشيطان يدعو أولا إلى ترك العمل فإذا لم تجب ودفعته واشتغلت به فيدعوك إلى الرياء، وإذا لم تجب ودفعته يقول لك: هذا العمل ليس بخالص وأنت مرائي، وتعبك ضايع فأي فايدة لك في عمل لا اخلاص فيه؟ وان كل عمل ليس بخالص وبال على صاحبه وتركه أنفع ويزين لك تركه مثل هذه الأقوال، ويدخل عليك بهذا المثال (المقال) حتى يحملك بذلك على ترك العمل فإذا تركته فقد حصلت غرضه.
ومثال من يترك العمل خوفا من الرياء كمن سلم إليه مولاه حنطة فيها قليل من المباين اما شعير أو مدر وقال: خلصها من التراب مثلا ونقها منه تنقية جيدة بالغة فيترك أصل العمل ويقول: أخاف ان اشتغلت به ألا يخلص خلاصا صافيا فيترك العمل من أصله، ومن هذا القبيل من يترك العمل خوفا من الناس ان يقولوا: انه مرائي وهذا رياء خفى لأنه يدفع عن نفسه بترك العمل