وروى أبو سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول عند منصرفه من أحد، والناس محدقون به، وقد أسند ظهره إلى طلحة هناك: أيها الناس أقبلوا على ما كلفتموه من اصلاح آخرتكم واعرضوا عما ضمن لكم من دنياكم ولا تستعملوا جوارحا غذيت بنعمته في التعرض لسخطه بمعصيته، واجعلوا شغلكم في التماس مغفرته، وأصرفوا همتكم (هممكم) بالتقرب إلى طاعته من بدء بنصيبه من الدنيا فإنه نصيبه من الآخرة ولم يدرك منها ما يريد، ومن بدء بنصيبه من الآخرة وصل إليه نصيبه من الدنيا، وأدرك من الآخرة ما يريد (1).
وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أيما مؤمن أقبل قبل ما يحب الله أقبل الله عليه قبل كل ما يحب، ومن اعتصم بالله بتقواه عصمه الله، ومن اقبل الله قبله وعصمه لم يبال لو سقطت السماء والأرض، وان نزلت نازلة على أهل الأرض فشملتهم بلية كان في حرز الله بالتقوى من كل بلية أليس الله تعالى يقول (ان المتقين في مقام امين)؟ (2).
فصل محمد بن يعقوب (ره) يرفعه إلى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان ملك في بني إسرائيل وكان له قاض، وللقاضي أخ، وكان رجل صدق، وكانت له امرأة قد ولدتها الأنبياء فأراد الملك ان يبعث رجلا في حاجته فقال للقاضي: ابعثني رجلا ثقة فقال: ما أعلم أحدا أوثق من اخى فدعاه ليبعثه فكره ذلك الرجل وقال لأخيه:
انى أكره ان أضيع امرئتي فعزم عليه فلم يجد بدا من الخروج فقال لأخيه: يا اخى انى لست اخلف شيئا أهم إلى من امرئتي فاخلفني فيها وتول قضاء حاجتها قال: نعم، فخرج الرجل وقد كانت امرأته كارهة لخروجه، وكان القاضي يأتيها ويسألها عن حوائجها