واما المذموم فهو أن يكون فرحه لقيام منزلته عندهم ليمدحوه ويعظموه ويقوموا بقضاء حاجاته، ويقابلوه بالاكرام والتوقير فهذا رياء حقيقي، وانه محبط للعمل وناقله من كفة الحسنات إلى كفة السيئات، ومن ميزان الرجحان إلى ميزان الخسران، ومن درجات الجنان إلى دركات النيران.
واعلم أن أصل الرياء حب الدنيا ونسيان الآخرة، وقلة التفكر فيما عند الله، وقلة التأمل في آفات الدنيا وعظيم نعم الآخرة واصل ذلك كله حب الدنيا وحب الشهوات، وهو رأس كل خطيئة، ومنبع كل ذنب لان العبادة إذا كانت لله تعالى كانت خالية من كل مشوب (شوب) لا يريد بها الا وجه الله تعالى والدار الآخرة، وميل الانسان إلى حب ا لجاه، والمنزلة في قلوب الناس، والرغبة في نعيم الدنيا، هو الذي يعطب القلب، ويحول بينه وبين التفكر في العاقبة والاستضاءة بنور العلوم الربانية.
فان قلت: فمن صادف في نفسه كراهة الرياء وحملته الكراهة على الاباء والبغض له فإنه لا يريد بعمله الا الله فقط، ولا يزيده اطلاع الناس عليه هزة ونشاطا في عمله (1).