ثم انظر في قصص الأنبياء عليهم السلام: وخصاصتهم وما كانوا فيه من ضيق العيش، فهذا موسى كليم الله (ع) الذي اصطفاه بوحيه وكلامه كان يرى خضرة البقل من صفاق (1) بطنه من هزاله (2) وما طلب حين آوى إلى الظل بقوله: (رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير) الا خبزا يأكله لأنه كان يأكل بقلة الأرض ولقد كان يرى شفيف صفاق بطنه لهزاله وتشذب لحمه.
ويروى انه (ع) قال يوما: يا رب انى جائع فقال الله تعالى: انا اعلم بجوعك قال: يا رب أطعمني قال: إلى أن أريد (3).
وفيما أوحى الله إليه (ع): يا موسى الفقير من ليس له مثلي كفيل، والمريض من ليس له مثلي طبيب، والغريب من ليس له مثلي مؤنس، ويروى حبيب، يا موسى ارض بكسيرة من شعير تسد بها جوعتك وبخرقة تواري بها عورتك واصبر على المصائب، وإذا رأيت الدنيا مقبلة عليك فقل: انا لله وانا إليه راجعون عقوبة قد عجلت في الدنيا، وإذا رأيت الدنيا مدبرة عنك فقل: مرحبا بشعار الصالحين يا موسى لا تعجبن بما اوتى فرعون وما تمتع به فإنما هي زهرة الحياة الدنيا.
واما عيسى (ع) روح الله وكلمته فإنه كان يقول: خادمي يداى ودابتي رجلاي وفراشي الأرض ووسادي الحجر، ودفئي في الشتاء مشارق الأرض، وسراجي بالليل