فان قلت: قد ورد عن أبي جعفر الجواد (ع) أنه قال: ما استوى رجلان في حسب (1) ودين قط الا كان أفضلهما عند الله عز وجل أدبهما (2) قال: قلت: جعلت فداك قد علمت فضله عند الناس في النادي (3) والمجالس فما فضله عند الله عز وجل؟ قال (ع): بقرائة القران كما انزل ودعائه الله عز وجل من حيث لا يلحن (4) وذلك أن الدعاء الملحون لا يصعد ا لي الله عز وجل (5).
ويقرب منه قول الصادق (ع) نحن قوم فصحاء إذا رويتم عنا فاعربوها (6).
فإن كان المراد من هذين الحديثين ما دل عليه ظاهرهما فكثيرا ما نرى من إجابة الدعوات غير المعربات، وكثيرا ما نشاهد من أهل الصلاح والورع ومن يرجى إجابة دعائهم لا يعرفون شيئا من النحو.
وأيضا إذا لم يكن دعائه مسموعا فلا فايدة فيه فلا يكون مأمورا به لانتفاء فائدته ح، ولا يتوجه الامر بالدعا الا إلى حذاق (7) النحاة بل النحوي أيضا ربما يلحن في بعض الأدعية لافتقارها إلى الاضمار والتقدير والحذف، واشتغاله حالة الدعا بالخشوع والتوجه إلى الله تعالى عن استحضار أدلة النحو وقوانينه، وكل هذه الأمور باطلة خلاف المشاهد من العالم (العلم) وضد المعلوم من اخبارهم عليهم السلام ووصاياهم فإنهم دلوا على كل شئ يتعلق بمصالح العباد، وقد ذكروا في آداب الدعا وشروطه أمورا كثيرة ستقف عليها في هذا الكتاب أنشأ الله تعالى (8) ولم يذكروا الاعراب ولا معرفة النحو فيها، وإذا لم يكن المراد منهما ذلك فما معناهما؟