مثل الدنيا والآخرة كالضرتين (1) بقدر ما ترضى إحديهما تسخط الأخرى، ومثل المشرق والمغرب بقدر ما تقرب من أحدهما تبعد من الاخر (2).
ومن هذا قول الصادق (ع): انا لنحب الدنيا وان لا نؤتاها خير لنا من أن نؤتاها، وما اوتى ابن آدم منها شيئا الأنقص حظه من الآخرة، ومعنى قوله (ع): انا لنحب إشارة إلى نوع الانسان وهذا لسان حال المكلفين في الدنيا وليس ذلك إشارة إليه ولا إلى آبائه وأبنائه صلوات الله عليم أجمعين لأنهم لا ينقص حظهم من الآخرة بما يأتونه من الدنيا، وانى يكون ذلك؟.
وقد نزل جبرئيل إلى النبي (ص) ثلاث مرات بمفاتيح كنوز الدنيا وفى كلها يقول:
هذه مفاتيح كنوز الدنيا ولا ينقص من حظك عند ربك شئ فيأبى (ص)، ويحب تصغير ما أحب الله تصغيره وما أيام دنياك هذه التي تشترى بها هذا النعيم العظيم الا عبادة عن ساعة واحدة لان الماضي لا تجد لنعيمه لذة، ولا لبؤسه (3) الما، والمستقبل قد لا تدركه، وإنما الدنيا عبارة عن ساعة التي أنت فيها.
ومن هذا قول علي عليه السلام لسلمان الفارسي: وضع عنك همومها لما أيقنت من فراقها. مع انا ما رأينا قط أحدا باع الدنيا بالآخرة الا ربحهما، ولا رأينا من باع الآخرة بالدنيا الا خسر هما كيف لا؟ وهو تعالى يقول للدنيا: اخدمي من خدمني؟ وأتعبي من خدمك.