ختم وارشاد وإذا قد عرفت فضل الدعاء والذكر، وعرفت ان الأفضل من كل منهما ما كان سرا وانه يعدل سبعين ضعفا من الجهر، فاعلم أن قول أحدهما فيما رواه زرارة: فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله لعظمته (1) ايماء إلى قسم ثالث من اقسام الذكر أعلى من الأولين أعني الجهر والسر، وهو الذي يكون في نفس الرجل لا يعلمه غير الله.
ثم اعلم أن وراء هذه الأقسام الثلاثة قسم رابع من اقسام الذكر وهو أفضل منها بأجمعها وهو ذكر الله سبحانه عند أوامره ونواهيه فيفعل الأوامر ويترك النواهي خوفا منه ومراقبة له.
روى أبو عبيدة الخزاعي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: ألا أخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه؟ قال: بلى ثم قال: من أشد ما فرض الله انصافك الناس من نفسك.
ومواساتك أخاك المسلم في مالك وذكر الله كثيرا أما انى لا أعني (سبحان الله وا لحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) وإن كان منه، ولكن ذكر الله تعالى عندما أحل وحرم ا ن كان طاعة عمل بها وإن كان معصية تركها.
ومثل هذا قول جده سيد المرسلين: من أطاع الله فقد ذكر الله كثيرا وان قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن. فقد جعل طاعة الله هي الذكر الكثير مع قلة الصلاة والصيام والتلاوة (2).
ومثل قوله صلى الله عليه وآله: ان الله جل ثنائه يقول: لست كل كلام الحكيم أتقبل ولكن هواه وهمه، وإن كان هواه فيما أحب وارضى جعلت صمته حمدا لي ووقارا وان لم يتكلم. فانظر كيف جعل مدار القبول، والثواب ما في النفس من ذكر الله والطمأنينة إليه والمراقبة له، وانه لا يقبل كل الكلام، بل إنما يقبل منه ما كان مطابقا لما في القلب