فقال الله ورسوله. فقال: النبي احكم أموره ودخل بين حدوده أم لا؟ قال: بلى قال: فالنبي بقي في دار الاسلام أم ارتحل؟ قال: بل ارتحل. قال: فأمور الشرع ارتحلت معه أم بقيت بعده؟ قال بل بقيت. قال: وهل قام أحد بعده بعمارة ما بناه؟
قال: نعم الذرية والصحابة قال: أفعمروها أو خربوها؟ قال: بل عمروها قال: فالآن هي معمورة أم خراب؟ قال بل خراب. قال: خربها ذريته أم أمته؟
قال: بل أمته. قال: وأنت من الذرية أو من الأمة؟ قال: من الأمة. قال:
أنت من الأمة وخربت دار الاسلام فكيف ترجو الجنة؟ وجرى بينهم كلام كثير فحضر أمير المؤمنين عليه السلام في مائة رجل، فلما قابلهم خرج ابن الكواء في مائة رجل. فقال عليه السلام: أنشدكم الله هل تعلمون حيث رفعوا المصاحف؟ فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله، فقلت لكم اني اعلم بالقوم منكم (وذكر مقاله) إلى أن قال:
فلما أبيتم إلا الكتاب أشرطت على الحكمين ان يحييا ما أحيى القرآن وان يميتا ما أمات القرآن فان حكما بحكم القرآن فليس لنا ان نخالف حكمه وإن أبيا فنحن منه برآء.
فقالوا له: أخبرنا أتراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء؟ فقال: إنا لسنا الرجال حكمنا وإنما حكمنا القرآن والقرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق إنما يتكلم به الرجال، قالوا: فأخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك وبينهم؟ قال ليعلم الجاهل ويثبت العالم ولعل الله يصلح في هذه المدة لهذه الأمة. وجرت بينهم مخاطبات فجعل بعضهم يرجع فأعطى أمير المؤمنين عليه السلام راية الأمان مع أبي أيوب الأنصاري، فناداهم أبو أيوب: من جاء إلى هذه الراية أو خرج من بين الجماعة فهو آمن. فرجع منهم ثمانية آلاف رجل، فأمرهم أمير المؤمنين عليه السلام ان يتميزوا منهم، وأقام الباقون على الخلاف وقصدوا إلى النهروان فخطب أمير المؤمنين (ع) واستنفرهم فلم يجيبوه فتمثل.
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى * فلم تستبينوا النصح إلا ضحي الغد ثم استنفرهم فنفر ألفا رجل يقدمهم عدي بن حاتم وهو يقول:
إلى شر خلق من شراة تحزبوا * وعادوا إله الناس رب المشارق فوجه أمير المؤمنين عليه السلام نحوهم وكتب إليهم على يدي عبد الله بن أبي عقب وفيها: والسعيد من سعدت به رعيته والشقي من شقيت به رعيته وخير الناس خيرهم لنفسه وشر الناس شرهم لنفسه وليس بين الله وبين أحد قرابة " وكل نفس بما كسبت