دمشق وضرب البوق وسمع ذلك من مسيرة ثمانية عشر يوما وهو خرق العادة.
قال أبو العباس:
وحيال رحبة مالك اصغي إلى * نعرات بوق في دمشق يقعقع فاهتز من طرب وقال لصحبه * هذا ابن هند للرحيل لمزمع ومنه الدكة المشهورة في الكوفة التي يقال إنه رأى منها مكة وسلم عليها وذلك مثل قولكم يا سايرة الخيل، ومسجد المجذاف في الرقة وهو انه لما طلب الزواريق لحمل الشهداء قالوا الزواريق ترعى فقال عليه السلام: كلامكم غث وقمصانكم رث لا شد الله بكم صنعا ولا أشبعكم إلا على قتب، وعمل جايزة عظيمة بمنزلة المجذاف وحمل الشهداء عليها فخربت الرقة وعمرت الرافقة ولا يزالون في ضنك العيش.
وروت الغلاة انه عليه السلام صعد إلى السماء على فرس وينظر إليه أصحابه وقال: لو أردت لحملت إليكم ابن أبي سفيان، وذلك نحو قوله تعالى (ورفعناه مكانا عليا).
وخرج عن أبي زهرة وقطع مسيرة ثلاثة أيام بليلة واحدة وأصبح عند الكفار وفتح عليه فنزل (والعاديات ضبحا).
وروي انه رمي إلى حصن ذات السلاسل في المنجنيق ونزل على حايط الحصن وكان الحصن قد شد على حيطانه سلاسل فيها غراير من تبن أو قطن حتى لا يعمل فيها المنجنيق إذا رمى الحجر، فقالت الغلاة: فمر في الهواء والترس تحت قدميه ونزل على الحايط وضرب السلاسل ضربة واحدة فقطعها وسقطت الغراير وفتح الحصن، وروت الغلاة انه نزلت فيه وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وذلك أن صح مثل صعود الملائكة ونزولهم واسراء النبي صلى الله عليه وآله قال العوني من الذي إلى الذين حسبوا * حصونهم مانعة من الردى من حيث لم يحتسبوا فأيقنوا * لما أتى ان الحمام قد أتى وقال السروجي:
وسار عنها بعد ذا مرتحلا * في يومه عن المسير ما فتر حتى أتى الحصن على شاهقه * يظنه الناظر نجما قد زهر وما له باب سوى سلسلة * ترخى مع الصبح وفي الليل نحر فلم يجد منه النبي حيلة * وضلت الأفكار فيه قد تحر رمى إلى ذاك عليا في الهوى * بالمنجنيق في أمان المقتدر