واللطف الرفق والإحسان وإيصال المنافع والبر، والإخدام: إعطاء الخادم.
5 - وعنه، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن جعفر ابن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرج عنه كربته لم يزل في ظل الله الممدود عليه الرحمة ما كان في ذلك.
* الشرح:
قوله (لم يزل في ظل الله الممدود عليه الرحمة) أي لم يزل في رحمته أو جوده على سبيل التشبيه والاستعارة حيث إنه يستريح بهما من الأذى والعذاب والتألم الجسماني والروحاني كما يستريح الملتجئ بالظل من حر الشمس أو في جنبه وإطلاق الظل عليها إما من باب الإرسال أو الاستعارة على نحو ما ذكر ووصفه بالممدود للإشعار بثباته واتساعه.
6 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
سمعته يقول: إن مما خص الله عز وجل به المؤمن أن يعرفه بر إخوانه وإن قل، وليس البر بالكثرة وذلك أن الله عز وجل يقول في كتابه: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة [ثم قال:] ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) ومن عرفه الله عز وجل بذلك أحبه الله ومن أحبه الله تبارك وتعالى وفاه أجره يوم القيامة بغير حساب، ثم قال: يا جميل أرو هذا الحديث لإخوانك، فإنه ترغيب في البر.
* الشرح:
قوله (وذلك أن الله عز وجل يقول في كتابه ويؤثرون على أنفسهم - الآية) أي يختارون غيرهم من المحتاجين على أنفسهم ويقدمونه (ولو كان بهم خصاصة) أي حاجة وفقر عظيم (ومن يوق شح نفسه) بوقاية الله وتوفيقه ويحفظها عن البخل والحرص (فأولئك هم المفلحون) أي الفائزون، والتأكيدات ظاهرة للمتدبر، والمشهور أن الآية نزلت في الأنصار وإيثارهم المهاجرين على أنفسهم في أموالهم، وقيل: روي من طريق العامة أنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنه مع بقية أهل بيته لم يطعموا شيئا منذ ثلاثة أيام فاقترض دينارا ثم رأى المقداد فتفرس في وجهه أنه جائع فأعطاه الدينار فنزلت الآية مع المائدة من السماء، والحكاية طويلة، وعلى التقديرين يجري الحكم في غير من نزلت فيه ممن يفعل مثل فعله أو ما يقرب منه ومما يناسب المقام ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من أنه بات به ضيف وكان عنده طعام قليل فأطفأ المصباح عند إحضاره وأراه أنه يأكل معه. وفيه غاية بر الضيف والإيثار وحسن السياسة في الأمور إذ لو لم يطفئه لرأى الضيف أنه لا يأكل وأنه آثره فربما امتنع من الأكل أو أكل قليلا.