والثاني - انه ليس المراد من كون الإجازة كاشفة لا ناقلة، انها تكشف عن أن العقد حال وقوعه، وقع نافذا ولم نعلم به والإجازة كشفت عنه، إذ من المعلوم ان العقد الصادر عن الفضول قبل لحوق الإجازة والرد متزلزل واقعا لا انه مستقر واقعا اما في الصحة أو البطلان، ولحوق الإجازة أو الرد كاشف عنه، ضرورة ان الإجازة إنما توجب تتميم السبب من حيث تأثيرها في استناده إلى الأصيل، فيؤثر من حين وقوعه، كما أن الرد يوجب بطلان السبب من جهة استقراره في صدوره عن الفضول فلا يؤثر من حين وقوعه، وهذا المعنى دقيق جدا.
وقد خفى وجهه على أكثر من تأخر حتى زعم بعضهم ان الكشف بالمعنى الذي بيناه غير معقول، وجمع بين الضدين، من حيث إن تأثير الإجازة في استقرار العقد وخروجه عن التزلزل يوجب الحكم بترتب الأثر من حين وقوعها والحكم بترتيب الأثر من حين وقوعه يوجب الحكم بسبق الاستقرار عليها الموجب للحكم بعد تأثيرها فيه، وهما ضدان لا يجتمعان، فاختار الكشف التعبدي بمعنى انها ناقلة تحقيقا والشارع حكم بترتيب الأثر من حين وقوع العقد تعبدا.
وفيه ان مقتضى حدوث السبب وزواله، وصيرورته نافذا تاما بالإجازة اللاحقة ترتب الأثر على السبب الزائل من حين حدوثه، ولا يعقل ترتب الأثر من حينها لعدم وجود سبب في هذا الحال حتى يؤثر، فالقول بكونها ناقلة باطل جدا، والامر دائر بين أمرين اما القول ببطلان العقد الفضولي، واما القول بصحته موقوفا، وتأثير الإجازة فيه على وجه الكشف بالمعنى الذي بيناه.
واما الكشف التعبدي فغير معقول لأنه فرع القول بالنقل تحقيقا، والالتزام بترتيب الأثر من حين العقد تعبدا. وقد ظهر لك ان القول بالنقل غير متصور، فما دل من الروايات على صحة العقد الفضولي، وان الإجازة كاشفة إنما تدل على الكشف تحقيقا، فحملها على الكشف التعبدي بزعم ان الكشف التحقيقي غير متصور في غير محله.