الأول: سر عدم جواز جعل حصة من ربح مال آخر للعامل فان دخل العمل ليس الا في ربح المال الذي وقع فيه العمل فلا يصلح جعل ربح مال آخر نماءا للعمل في مال القراض الثاني: عدم كون القراض عقدا متوقفا على انشائين فان تنزيل العمل منزلة المال وجعله دخيلا في ربحه بحيث يوجب الشركة فيه امر يرجع إلى المالك ورب المال فيكفي فيه انشائه ولا يتوقف على انشاء من المعامل، فهي نظير الجعالة حيث ترجع إلى الجاعل وتتحقق بانشائه ولا حاجة معه إلى انشاء من طرف المال، نعم لعمل العامل دخل فيهما في الجملة فان العمل لم يتمحض في العنوانين بانشاء المالك والجاعل وإنما صار العنوانان بهما من أحد وجوهه وعناوينه بعد ان لم يكونا منه، فللعامل حينئذ ان يقصد بعمله التبرع أو المضاربة والجعالة، فاتصاف العمل بأحد الوجهين والعنوانين يتوقف على صدوره من العامل على أحد الوجهين ولا تأثير لقبول العامل في هذه الجهة لجواز وقوع العمل منه على وجه التبرع بعد قبوله، وإن كان له تأثير في المقام في جهة أخرى مثل وجوب حفظ المال عليه وهكذا، فهي شبيهة بالوكالة من هذا الوجه إذ الوكالة في العمل وصيرورة الشخص وكيلا ومرجعا في الموكل فيه بحيث لو تصرف فيه لوقع تصرفه من قبل الموكل تحصل بمجرد انشائه، وقبول الوكيل إنما يؤثر في صيرورته في وثاق العمل وعلى عهدته فالمضاربة كالجعالة والوكالة لا تكون عقدا محضا حتى تتوقف في تحققها على انشاء من الطرفين ولا ايقاعا صرفا حتى لا يكون لقبول العامل وعمله دخل فيه بوجه من الوجوه، فهي امر بين الامرين وبرزخ بين العالمين. وهكذا الحال في جميع العقود الجائزة بالذات من الطرفين المسماة بالعقود الإذنية، فان العقد التحقيقي المتوقف حصوله على عمل الطرفين ووصل الحبلين وشدهما كما لا يتحصل من عمل أحدهما فكذا لا ينحل منه أيضا، إذ لو أمكن له الحل لأمكن له الاثبات فان نسبة القدرة إلى الوجود والعدم على حد سواء، فاللزوم من لوازم حقيقة
(٢٨٦)