ان حركة الأصابع الملازمة للكتابة الاختيارية اضطرارية لأجل وجوب وجودها من قبل وجود الكتابة، كلا ثم كلا بل هو مختار في حركة الأصابع كما أنه مختار في الكتابة.
والمقام من هذا القبيل فان العبد لا اضطرار له في ايجاد الإرادة بل يكون مختارا فيه بل هي عين الاختيار فلا يكون مضطرا في الفعل الذي هو معلول عنها وأيضا لو كان وجوب وجود المعلول بواسطة وجود العلة التامة موجبا لصيرورة الفاعل مضطرا في فعله لزم أن يكون الباري تعالى مضطرا في فعله لان فعله تعالى مسبوق بمشيته وهي تامة في وجود الفعل واللازم باطل بالضرورة وكذا الملزوم وهذا في غاية الوضوح والظهور.
والجواب عن الشبهة الثالثة ان انتهاء ما بالغير إلى ما بالذات لا يوجب اضطرار العبد في أفعاله إذ مقتضاه عدم وجود ما بالغير من دون انتهائه إلى ما بالذات، واما انتهائه إليه على وجه الاضطرار فلا، والفعل الصادر من العبد على وجه الاختيار منته إلى الواجب تعالى شأنه ودليل عليه، إذ لو لم يكن الواجب بذاته لم يكن في الخارج ممكن حتى يصدر فعل منه.
وقد خفى الامر في المقام على بعضهم فزعم أن الانتهاء إلى ما لا بالاختيار ينافي العقاب على فعل العبد من الكفر والعصيان فأجاب " بان العقاب إنما يتبع الكفر والعصيان التابعين للاختيار الناشئ عن مقدماته الناشئة عن شقا وتهما الذاتية اللازمة لخصوص ذاتهما فان السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقى في بطن أمه والناس معادن كمعادن الذهب والفضة - كما في الخبر - والذاتي لا يعلل فانقطع سؤال انه لم جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا فان السعيد سعيد بنفسه والشقي شقى كذلك وإنما أو جدهما الله تعالى " وفيه نظر من وجوه:
الأول ان الانتهاء إلى ما لا بالاختيار لو لم يكن منافيا للاختيار لا حاجة إلى هذا التكلف الذي ارتكبه ولو كان منافيا للاختيار في نظره لا يندفع الاشكال بانتهاء كفره وعصيانه إلى شقاوته الذاتية اللازمة لذاتهما.