بقي الكلام فيما يعطيه صريح كلام صاحب المالك من الفرق بين قسمي البضاعة في استحقاق الأجرة مع عدم اشتراط الربح وعدمه مع اشتراطه فان التحقيق عدم الفرق بينهما من هذه الجهة، إذ الامر بالعمل استيفاء له مع اشتراط الربح وعدمه فمقتضاه استحقاق العامل اجرة عمله في الصورتين، ضرورة ثبوت الأجرة للعمل المستوفى على مستوفيه فهو في وثاق العمل ما لم يظهر منه قصد التبرع ولو لم يظهر منه قصد الأجرة ولم يتبرع به العامل ولو لم ينو الرجوع بها، لان المانع من استحقاق الأجرة هو قصد التبرع بالعمل لا عدم نية الرجوع بها، ولا فرق في ذلك بين كون العامل من المعدين لاخذ الأجرة وغيره مع فرض كون العمل مما له اجرة في العادة فالفرق المذكور غير ظاهر الوجه ولعل الوجه فيه عنده استظهاره (قدس سره) من اشتراط الربح وعدم التعرض لأجرة العمل قصد التبرع، وهو في محل المنع لعدم ظهوره فيه بمجرد ذلك نعم قد يظهر منه ذلك بملاحظة خصوصية المورد كما قد يظهر منه خلافه فالحكم به على اطلاقه في غير محله.
ثم إنه اتضح لك بما بيناه من عدم كون القراض من العقود ان اعطاء المال ودفعه ليعمل فيه بحصة معينة من ربحه قراض ومضارب حقيقة، لا انه مغاير له في الحقيقة قائم مقامه في الأثر كالمعاطاة، حيث إنها معاوضة مستقلة ومبادلة فعلية لا عقدية تقوم مقام البيع الذي هو عقد معاوضة والتزام مبادلة في بعض الآثار، ومن هنا قد يظن أنها بيع على سبيل الحقيقة وان البيع نوعان: عقدي لازم وغير عقدي جائز.
وإذ قد اتضح لك مما حققناه ان صحة القراض ونفوذه موافقة للأصل اتضح لك أمور.
الأول: انه لا يشترط صحته بوقوع العمل في السفر لان مقتضى الأصل صحته مطلقا، فتضييق دائرته بجعل السفر شرطا والحضر مانعا يحتاج إلى الدليل فمع عدم وجود دليل يدل على التقييد يحكم بالاطلاق الذي هو مقتضى الأصل، ولا يقدح فيه ورد أكثر الروايات في مورد المضاربة والاتجار بالسفر، لان تقرير