الخارج أو الذهن، لو توقفت ثبوت صفات الماهيات لها على تصورها في الذهن كما زعموه لزم أن تكون الماهيات عارية عن صفاتها وحالاتها ما لم يتصورها متصور أترى ان الأربعة لا تكون زوجا، واجتماع النقيضين ليس مغايرا لاجتماع الضدين والحجر ليس مباينا للانسان قبل تصورها في الذهن، وحدثت هذه الصفات فيها بعد تصورها كلا ثم كلا.
وبالجملة سخافة ما توهموه مما لا ينبغي ان يختفى على من له أدنى دربة.
وإذا تبين لك فساد ما توهموه من توقف ثبوت عوارض الماهيات على وجودها تبين لك ان تقسيم العرض إلى عرض الماهية وعرض الوجود على سبيل الحقيقة، ولما خفى الامر على أكثرهم ولم يهتدوا إلى ما حققناه فسروا عرض الماهية بعرض الوجود أعم من الذهني والخارجي وعرض الوجود بعرض خصوص الوجود الخارجي أو الذهني، ومثلوا للأول بزوجية الأربعة، وللثاني باحراق النار، وللثالث بكلية المفاهيم الكلية، فجعلوا الاقسام ثلاثة وهو باطل جدا.
نعم عرض الماهية على قسمين: مالا ينافيه الوجود في الخارج كزوجية الأربعة فإنها متصفة بالزوجية وجدت في الخارج أم لم توجد وما ينافيه الوجود في الخارج كالكلية العارضة على الماهيات فإنها منافية مع وجودها في الخارج، فإنها بعد وجودها في الخارج تصير جزئية.
وقد تبين بما بيناه أيضا فساد تقسيم القضايا الموجبة باعتبار موضوعها إلى اقسام ثلاثة: ما يعتبر وجود موضوعها ذهنا، وما يعتبر وجود موضوعها مقدرا وما يعتبر وجود موضوعها محققا، فان القسمين الأولين مما لا يعتبر وجود موضوعهما لان المحمول فيهما من عوارض الماهية.