في حقيقته فلا يحملان عليه أو على مصاديقه وافراده.
والثالث: ما تكون موجبة في نفس الامر وهي على قسمين:
الأول: ما يكون ثبوت المحمول للموضوع فيه ربطيا غير أصيل نحو قولك:
الأربعة زوج، والانسان كلى، وبحر من الزيبق بارد بالطبع، وهكذا من القضايا التي لا يتوقف صدقها على وجود موضوعاتها في الخارج، فان ثبوت المحمولات للموضوعات في أمثال هذه القضايا ثبوت ربطي غير أصيل، والثبوت الربطي لا يقتضى ثبوت طرفيه لا ذهنا ولا خارجا، ضرورة ان الثبوت الربطي في أمثال هذه القضايا كثبوت احدى النسب الأربع بين كل كليين ذاتي للمفهومين، فلا يتوقف على وجودهما والا لزم خلف الفرض.
والثاني: ما يكون ثبوت المحمول للموضوع أصيلا نحو قولك جاء زيد وقام عمرو وقتل من في العسكر وانهدمت دور البلد وهكذا، وهذا القسم من القضايا الموجبة لابد فيها من وجود الموضوع في الخارج، لان ثبوت شئ لشئ فرع ثبوت المثبت له، فالقضية الفرعية تختص بهذا القسم من الموجبة ولا تجرى في غير هذا القسم من الموجبات.
وبما بيناه تبين لك ان ما اشتهر بين أرباب النظر والحكمة من القول بالوجود الذهني للأشياء، والاستدلال عليه بانا نحكم حكما ايجابيا على مالا وجود له في الخارج كقولنا بحر من زيبق بارد بالطبع، واجتماع النقيضين مغائر لاجتماع الضدين، وثبوت شئ للشئ فرع ثبوت المثبت له، وإذ ليس المثبت له هنا في الخارج ففي الذهن في غاية السخافة، لما عرفت من أن المحمولات في أمثال هذه القضايا اما راجعة إلى سلب الوجود عن الموضوعات.
واما عوارض للماهيات وصفات وحالات لها، وثبوت صفات الماهيات لها ليس ثبوتا أصيلا بل ثبوتا ربطيا، وليس الثبوت الربطي فرعا لثبوت المثبت له، ضرورة ان كل مفهوم له نسبة إلى مفهوم آخر مع قطع النظر عن وجودهما في