الشهادة موقوفا على الاختيار أيضا، وكذا ترتب عنوان الانشاء على اللفظ مع أن الاسلام يتحقق بالتكلم بكلمتي الشهادة اجبارا بالاتفاق بل بالضرورة، وكذا يترتب عنوان الانشاء على اللفظ اكراها والا لزم بطلان عقد المكره رأسا، وهو مناف لما اعترفت به من صحته ونفوذه بالرضاء بعد زوال العذر تبعا لما أفتى به أكثر الأصحاب (قدس سرهم).
قلت: ايجاد القضية اللفظية في الخارج إن كان على سبيل الاختيار، فالباعث عليه هي احدى الصفات الثلاثة النفسية: من العلم والإرادة والكراهة، فان كانت خبرا فالباعث على ايجادها العلم بمضمونها، وان كانت انشاء فالباعث على ايجادها إرادة مضمونها أو كراهته، وإن كان على سبيل الاجبار والاكراه فالباعث عليه إنما هو دفع المكروه والمحذور.
والعناوين المترتبة على الاختيار وثبوت احدى الصفات المذكورة في النفس كالاقرار والشهادة والاخبار عما في الضمير والايمان والكفر والانكار وهكذا لا تترتب على اللفظ الا في حال الاختيار.
واما العناوين المشتركة بين الاختيار والاكراه فتترتب على اللفظ في الصورتين، ومنها الاسلام والانشاء.
فان الاسلام هو التسليم لدين الاسلام والالتزام به والبناء على الاخذ به دينا، ولا ينافيه التردد في حقيته بل القطع بخلافه، قال عز من قائل " قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم " فان الباعث على التسليم والالتزام قد يكون العلم بحقيته فيجامع الايمان ويترتب عليه الآثار الدنيوية والأخروية معا.
وقد يكون حقن دمه وحفظ ماله أو رجاء الوصول إلى الرياسة وغيرها من الفوائد الدنيوية فيفارقه ولا يترتب عليه الا الآثار الدنيوية من طهارة البدن وحل الذبيحة وجواز النكاح والإرث من المسلم وهكذا، وليس هذا نفاقا وان شاركه في الحرمان