نعم يمكن التفصيل بين صحة الصيغة وبطلانها في البالغ عشرا وغيره، ولكن اعتبارهم العقل والرشد في الصحة دليل على تفصيلهم في النفوذ وعدمه، فالصحيح جعل المسألة ذات قولين القول باعتبار البلوغ في صحة الصيغة مطلقا، والقول بعدمه كذلك.
وإذا وقفت على كلماتهم فاعلم أن التحقيق عدم اعتبار البلوغ في صحة الصيغة لاستصحاب المقتضى وعدم قيام الدليل على خلافه، كما نبه عليه العلامة في التذكرة وولده فخر الاسلام والمقدس الأردبيلي ومن تبعهم (قدس سرهم) وقد خفى وجه الأصل على صاحب المقابيس، فزعم أن الأصل عدم ترتب الأثر وقد ظهر لك ضعفه وفساده.
واما ما ذكره المحقق الكركي (قدس سره) من ابتناء المسألة على أن افعال الصبي وأقواله هل هي شرعية أم لا، ففيه ان ترتب وجود المنشأ على الانشاء كترتب كشف المدلول على الاخبار امر عرفي لا يرجع إلى الشرع ابتداء، وإنما للشارع التصرف فيه تقريرا وابطالا، وثانيا ان التحقيق ان أفعاله وأقواله شرعية كما أوضحنا الكلام فيه في محله، ومن الغريب توهم قيام الاجماع على اعتبار البلوغ في صحة الصيغة، مع ذهاب جماعة كثيرة من الأجلة إلى خلافه واغرب منه ادعاء صاحب الجواهر الضرورة فيه.
وإذ قد اتضح لك ما حققناه، فقد اتضح لك غاية الاتضاح ان صيغته صحيحة في حد نفسها، ولا يمنع من صحتها عدم بلوغه، كما أنه اتضح لك عدم الاشكال في نفوذ عقده مطلقا، فيما يرجع إليه مع اذن الولي أو اجازته ولا وجه لاختصاصه بمقام الاختبار، أو بالشئ اليسير أو بما كان فيه بمنزلة الآلة لمن له الأهلية، كما أنه لا اشكال في نفوذ عقده، فيما يرجع إلى غيره وليا كان أم لا مع اذن من إليه الامر في اجراء الصيغة أو اجازته مطلقا، ولا اختصاص له بإحدى الصورتين الأخيرتين، بل لا يبعد استقلاله فيما جرت العادة منه للشئ اليسير، كما اختاره صاحب المفاتيح، بل يمكن القول باستقلاله إذا بلغ عشرا عاقلا رشيدا مطلقا.