وعدم القدرة عليهما، وغفل عن أن المراد من الاختيار والاكراه في المقام طيب النفس والرضاء بالعقد وعدمه، وبما بيناه تستغنى عن القول بان القادر على التورية في حكم المكره شرعا وان لم يكن مكرها حقيقة بل القدرة عليها لا تنافى تحقق الاكراه بمعنى الاجبار في التكلم بكلمات الكفر ونحوها، لان التكلم بما يحكى عن الكفر إنما يكون كفرا إذا صدر عن الاختيار، واما إذا صدر لا عن الاختيار فلا يجب إرادة معنى آخر من اللفظ حينئذ.
توضيح الحال ان حقيقة الكفر هو الادبار الراجع إلى التردد أو الانكار، وهو لا يكون الا بالقلب، واللفظ إنما يكون كفرا وانكارا إذا كان اللافظ في مقام الإفادة والاخبار عما في الضمير، ومع الاكراه والاجبار لا كشف عما في الضمير فلا كفر ولا انكار حينئذ، فلا يكون صدور الكلام الحاكي عن الكفر في مقام الاكراه وقلبه مطمئن بالايمان كفرا حتى يجب عليه الفرار منه بالتورية.
وببيان أوضح للفظ دلالتان تصورية وتصديقية، والأولى تترتب عليه بالوضع مطلقا صدر من اللافظ سهوا، أم عمدا اكراها أم اختيارا، لغوا أو في مقام الإفادة، وهي في الحقيقة لا تكون دلالة بل حكاية كما حققناه في محله، واما الثانية فبالتركيب الصادر عن العارف بالوضع في مقام الإفادة والاخبار عما في ضميره، وهو إنما يكون في مقام الاختيار لا الاجبار، والكفر والانكار كالايمان والاقرار والشهادة وهكذا من العناوين إنما تترب على اللفظ باعتبار الدلالة التصديقية لا التصورية الخارجة عن الاختيار المترتبة عليه قهرا كما هو ظاهر، والا لكان نقل الكفر كفرا ولكان التكلم بكلام الكفر سهوا كفرا، فمع انتفاء الكشف التصديقي الذي هو مدار الايمان والكفر في صورة الاجبار لا يترتب على اللفظ عنوان الكفر والانكار باعتبار الدلالة التصورية حتى يجب الفرار منه بالتورية.
فان قلت لو كان ترتب عنوان الكفر والانكار والاقرار والشهادة والاخبار وهكذا من العناوين على اللفظ موقوفا على الاختيار لكان ترتب الاسلام على كلمتي