لا يصح على ما نذكر ويكون الخارج له وعليه أجر مثل الأرض والبقر والعبد لان هذا حكم المزارعة الفاسدة على ما يذكر في موضعه وكذا لو كان شرط عمل رب الأرض مع ذلك كان له أيضا أجر مثل عمله لان هذا شرط مفسد للعقد والله أعلم (فصل) وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه المزارعة فهو أن يكون المعقود عليه في باب المزارعة مقصودا من حيث إنها إجارة أحد أمرين اما منفعة العامل بأن كان البذر من صاحب الأرض واما منفعة الأرض بأن كان البذر من العامل لان البذر إذا كان قبل رب الأرض يصير مستأجرا للعامل وإذا كان من قبل العامل يصير مستأجرا للأرض وإذا اجتمعا في الاستئجار فسدت المزارعة فأما منفعة البقر فان حصلت تابعة صحت المزارعة وان جعلت مقصودة فسدت (فصل) وبيان هذه الجملة ببيان أنواع المزارعة فنقول وبالله التوفيق المزارعة أنواع (منها) أن تكون الأرض والبذر والبقر ووالآلة من جانب والعمل من جانب وهذا جائز لان صاحب الأرض يصير مستأجرا للعامل لاغير ليعمل له في أرضه ببعض الخارج الذي هو نماء ملكه وهو البذر (ومنها) أن تكون الأرض من جانب والباقي كله من جانب وهذا أيضا جائز لان العامل يصير مستأجرا للأرض لا غير ببعض الخارج الذي هو نماء ملكه وهو البذر (ومنها) أن تكون الأرض والبذر من جانب والبقر والآلة والعمل من جانب فهذا أيضا جائز لان هذا استئجار للعامل غير مقصودا فأما البذر فغير مستأجر مقصود أولا يقابله شئ من الأجرة بل هي توابع للمعقود عليه وهو منفعة العامل لأنه آلة للعمل فلا يقابله شئ من العمل كمن استأجر خياطا فخاط بإبرة نفسه جاز ولا يقابلها شئ من الأجرة ولأنه لما كان تابعا للمعقود عليه فكان جار يا مجرى الصفة للعمل كان العقد عقدا على عمل جيد والأوصاف لا قسط لها من العوض فأمكن أن تنعقد إجارة ثم تتم شركة بين منفعة الأرض وبين منفعة العامل (ومنها) أن تكون الأرض والبقر من جانب والبذر والعمل من جانب وهذا لا يجوز في ظاهر الرواية وروى عن أبي يوسف انه يجوز (وجه) قوله إنه لو كان الأرض والبذر من جانب جاز وجعلت منفعة البقر تابعة لمنفعة العامل فكذا إذا كان الأرض والبقر من جانب يجب أن يجوز ويجعل منفعة البقر تابعة لمنفعة الأرض (وجه) ظاهر الرواية ان العامل هنا يصير مستأجرا للأرض والبقر جميعا مقصودا ببعض الخارج لأنه لا يمكن تحقيق معنى التبعية هنا لاختلاف جنس المنفعة لان منفعة البقر ليست من جنس منفعة الأرض فبقيت أصلا بنفسها فكان هذا استئجار البقر ببعض الخارج أصلا ومقصودا واستئجار البقر مقصودا ببعض الخارج لا يجوز لوجهين أحدهما ما ذكرنا أن المزارعة تنعقد إجارة ثم تتم شركة ولا يتصور انعقاد الشركة بين منفعة البقر وبين منفعة العامل بخلاف الفصل الأول لأنه يتصور انعقاد الشركة بين منفعة الأرض ومنفعة العامل والثاني أن جواز المزارعة ثبت بالنص مخالفا للقياس لان الأجرة معدومة وهي مع انعدامها مجهولة فيقتصر جوازها على المحل الذي ورد النص فيه وذلك فيما إذا كانت الآلة تابعة فإذا جعلت مقصودة يرد إلى القياس (ومنها) أن يكون البذر والبقر من جانب والأرض والعمل من جانب وهذا لا يجوز أيضا لان صاحب البقر يصير مستأجرا للأرض والعامل جميعا ببعض الخارج والجمع بينهما يمنع صحة المزارعة (ومنها) أن يكون البذر من جانب والباقي كله من جانب وهذا لا يجوز أيضا لما وروى عن أبي يوسف في هذين الفصلين أيضا انه يجوز لان استئجار كل واحد منهما جائز عند الانفراد فكذا عند الاجتماع (والجواب) ما ذكرنا أن الجواز على مخالفة القياس ثبت عند الانفراد فتبقى حالة الاجتماع على أصل القياس وطريق الجواز في هذين الفصلين بالاتفاق أن يأخذ صاحب البذر الأرض مزارعة ثم يستعير من صاحبها ليعمل له فيجوز والخارج يكون بينهما على الشرط (ومنها) أن يشترك جماعة من أحدهم الأرض ومن الآخر البقر ومن الاخر البذر ومن الرابع العمل وهذا لا يجوز أيضا لما مرو في عين هذا ورد الخبر بالفساد فإنه روى أن أربعة نفر اشتركوا على عهد رسول الله
(١٧٩)