جنسه بأن رهن موزونا بجنسه أو مكيلا بجنسه وهلك في يد المرتهن فقد اختلف أصحابنا فيه قال أبو حنيفة يهلك مضمونا بالدين باعتبار الوزن دون القيمة حتى لو كان وزن الرهن بمثل وزن الدين وقيمته أقل منه فهلك يذهب كل الدين عنده وعند أبي يوسف ومحمد يضمن القيمة من خلاف الجنس على ما نذكر فمن أصل أبي حنيفة أنه يعتبر الوزن دون القيمة في الهالك ومن أصلهما أنهما يعتبران الوزن فيما لا يتضرر به المرتهن فاما فيما يتضرر به فيضمنان القيمة من خلاف الجنس (وأما) في الانكسار فأبو حنيفة يضمن القيمة وكذلك أبو يوسف عند الاستواء في الوزن والقيمة ولا يريان الجعل بالدين أصلا ومحمد يجعل بالدين لكن عند الامكان بأن لا يؤدى ذلك إلى الضرر بالراهن ولا بالمرتهن ولا يؤدى إلى الربا فان أدى إلى شئ مما ذكرنا فإنه لا يجعل بالدين أيضا وإذا كانت قيمة الرهن أكثر فأبو يوسف يجعل النقصان الحاصل بالانكسار شائعا في قدر الأمانة والمضمون فما كان في الأمانة يذهب بغير شئ وما كان في المضمون يضمن المرتهن قيمته ويهلك من الرهن بقدره ومحمد رحمه يصرف النقصان إلى الزيادة وإذا كثر النقصان حتى أنتقص من الدين يخير الراهن بين أن يفتكه وبين أن يجعله بالدين ومن أصل أبي حنيفة أنه يجوز استيفاء الزيوف من الجياد حتى لو أخذ صاحب الدين الزيوف عن الجياد ولم يعلم به حتى هلك عنده سقط دينه وكذا عند محمد الا ان محمدا ترك أصله في الرهن وعند أبي يوسف لا يسقط بل يرد مثل ما قبض ويأخذ مثل حقه فمن أصله أنه لا يجوز استيفاء الزيوف عن الجياد فهذه أصول هذه المسائل (وأما) تخريجها على هذه الأصول فنقول وبالله التوفيق إذا كان الدين عشرة دراهم فرهن به قلب فضة فهلك أو انكسر في يد المرتهن فوزن القلب لا يخلو اما أن يكون مثل وزن الدين بأن كان عشرة أو اما أن يكون أقل من وزنه بأن كان ثمانية واما أن يكون أكثر من وزنه بأن كان اثنى عشر وكل وجه من هذه الوجوه يدخله الهلاك والانكسار فإن كان وزن القلب مثل وزن الدين عشرة فإن كانت قيمته مثل وزنه فهلك يهلك بالدين بلا خلاف لان في وزنه وقيمته وفاء بالدين ولا ضرر فيه بأحد ولا فيه ربا فيهلك بالدين على ما هو حكم الرهن عندنا وان انكسر وانتقص لا يجبر الراهن على الافتكاك بلا خلاف لأنه لو افتكه اما أن يفتكه بجميع الدين واما أن يسقط شئ من الدين بمقابلة النقصان لا سبيل إلى الأول لان فيه ضررا بالراهن لفوات حقه عن الجودة والصناعة من غير عوض ولا سبيل إلى الثاني لأنه يؤدى إلى الربا لان الدين والرهن يستويان في الوزن والجودة لا قيمة لها شرعا عند مقابلتها بجنسها فكانت ملحقة بالعدم شرعا فيكون ايفاء عشرة بثمانية فتكون ربا فيتخيران شاء افتكه بجميع الدين ورضى بالنقصان وان شاء ضمن المرتهن قيمته بالغة ما بلغت فكانت رهنا مكانه ويصير القلب ملكا للمرتهن بالضمان وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد ان شاء افتكه بجميع الدين وان شاء جعله بالدين ويصير ملك المرتهن بدينه (وجه) قول محمد ان ضمان القمية لا يناسب قبض الرهن لان ذلك موجب قبض هو تعدى كقبض الغصب وقبض الرهن مأذون فيه فلا يناسب ضمان القيمة ويناسبه الجعل بالدين لأنه قبض استيفاء وفي الجعل بالدين تقرير الاستيفاء (وجه) قولهما ان جعل الرهن بالدين حال قيامه من أعمال الجاهلية جاء الاسلام وأبطله بقوله لا يغلق الرهن والجعل بالدين غلق الرهن فكان باطلا وبه تبين ان ملك الرهن بالدين لا يجوز أن يكون حكم هذا التصرف وان حكمه ملك اليد والحبس لا ملك العين والرقبة (فاما) ضمان القيمة فيصلح حكما له في الجملة ألا ترى ان محمدا يقول به عند تعذر الجعل بالدين على ما نذكر وإن كانت قيمته أقل من وزن الدين بأن كانت ثمانية فهلك يهلك بجميع الدين عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه يعتبر الوزن دون القيمة عند الهلاك وفي وزنه وفاء الدين وعندهما لا يهلك بالدين ويضمن المرتهن قيمته من خلاف جنسه (وجه) قولهما أنه لو هلك بالدين (اما) ان يهلك بوزنه (واما) أن يهلك بقيمته لا سبيل إلى الأول لان فيه ضرر بالمرتهن ولا وجه إلى الثاني لأنه يؤدى إلى الربا فيخير المرتهن بين أن يرضى بسقوط الدين وبين أن يضمن قيمة الرهن من خلاف جنسه فيكون رهنا مكانه ولأبي حنيفة رحمه الله ان قبض الرهن قبل استيفاء والجيد والردئ في الاستيفاء على السواء لان استيفاء الزيوف عن الجياد جائز عنده وان
(١٦١)