حصل وزاد الوكيل خيرا، ومثل هذا لو أمره أن يبيع شاة بدرهم فباعها بدرهمين أو بأن يشتريها بدرهم فاشتراها بنصف درهم، وهو الصحيح عندنا كما نقله النووي في زيادات الروضة.
وقد استدل بهذا الحديث على صحة بيع الفضولي، وهو الذي يبيع مالا يملك أو ما ليس مأذونا في بيعه، وهو قول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه، والشافعي في القديم، وقواه النووي في الروضة، وهو مروى عن جماعة من السلف منهم على وابن عباس وابن مسعود وابن عمر، واليه ذهب الزيدية وقال الشافعي في الجديد وأصحابه: إن البيع الموقوف والشراء الموقوف باطلان لحديث " لا تبع ما ليس عندك " وأجابوا عن حديث عروة بما فيه من المقال. وعلى تقدير الصحة فيمكن أن يكون وكيلا في البيع أيضا بقرينة فهمها من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حنيفة: إنه يكون البيع الموقوف صحيحا دون الشراء. والوجه أن الاخراج عن ملك المالك مفتقر إلى إذنه بخلاف الادخال، ويجاب بأن الادخال المبيع في الملك يستلزم الاخراج من الملك للثمن. وروى عن مالك العكس من قول أبي حنيفة، فإن صح فهو قوى فإن فيه جمعا بين الأحاديث وأما الوكالة في تملك المباحات كإحياء الموات واستقاء الماء والاصطياد والاحتشاش فعلى قولين (أحدهما) لا يصح فيها لأنه تملك مباح، فهل يكون بتملكه بوضع يده نائبا عن غيره من نفسه، كأنه قد حاز شيئا ثم وهبه فلم يصح التوكيل فيه كالغنيمة، لا يخرج المجاهد بالغنيمة وكيلا لغيره (والثاني) يصح، لأنه امتلك مالا بسبب لا يتعين عليه فجاز أن يوكل فيه كسائر المعاملات من المعاوضات والهبات قال في روضة الطالب: يجوز التوكيل في تملك المباحات وإحياء الموات والالتقاط، ويخالف الاغتناء لأنه لا يستحق إلا بالجهاد، والجهاد لا وكالة فيه، لأنه يتعين عليه بالحضور للملحمة، فاستحق قسمه وسهمه فتعين له.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويجوز التوكيل في عقد النكاح لما روى " أن النبي صلى الله عليه وسلم