الشركة إنما لا تجوز ابتداء على العروض، وهذا استدامة للشركة وليس بابتداء عقد، وان مات وعليه دين لم يجز للوارث أن يأذن في التصرف بمال الشركة، لان الدين يتعلق بجميع المال فهو كالمرهون، فان قضى الدين من غير مال الشركة كان كما لو مات ولا دين عليه، وهكذا إذا قضى الدين ببعض مال الشركة كان للوارث أن يأذن له في التصرف فيما بقي، فان أوصى بثلث ماله أو بشئ من مال الشركة - فإن كانت الوصية لمعين - كان الموصى له شريكا كالوارث، وله أن يفعل ما يفعل الوارث.
وإن كانت الوصية لغير معين لم يجز للوصي الاذن للشريك في التصرف، لأنه قد وجب دفعه إليهم، بل يعزل نصيبه ويفرق عليهم، فإن كان قد أوصى بثلث ماله فأعطى الوارث ثلث الموصى لهم من غير ذلك المال مثله لم يجز له ذلك لان الموصى لهم قد استحقوا ثلث ذلك المال بعينه، فلا يجوز أن يعطوا من غيره.
مسائل حول الشركة. لو دفع شبكة إلى الصياد ليصيد بها السمك بينهما نصفين فقياس المذهب أن السمك كله للصياد، إذا قلنا: إن الآلة تؤجر بأجر معلوم، فيكون لصاحب الشبكة أجر المثل، وبهذا لا يكون صاحب الشبكة شريكا في حصيلة الصيد، فإذا قلنا: إن الآلة لا تؤجر، وان الصياد قد لا يجد سمكا يحصل في شبكته فمن أين يأتي بأجر الشبكة وليس لها أجر مثل معلوم في حين أن أجر الصياد معلوم قضينا بأن صاحب الشبكة له الصيد كله وللصياد أجر مثله على صاحب الشبكة. لان الربح تابع للمال وقياس مذهب أحمد أن الصيد بينهما نصفان جائز على ما شرطاه لأنها عين تنمى بالعمل، فصح دفعها ببعض نمائها كالأرض التي دفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود في خيبر أن يعملوا فيها على الشطر.
الشركات التي تؤسس من بلاد غير بلاد المسلمين لتعمل في أرض المسلمين لاستخراج خيراتها واستنباط خاماتها واستدرار زيوتها ومعادنها لا تصح إلا إذا قامت على هيمنة المسلمين وسيطرتهم على إدارتها. ويجب على المسلمين أن يبعثوا طائفة منهم تتعلم علوم طبقات الأرض ووسائل استثمار خاماتها وخيرا بها، ولو أن المسلمين فقهوا دينهم والتزموا في سلوكهم بأحكام هذه الفروع الدقيقة