وأوجب أبو حنيفة الشفعة في الزرع تبعا للأرض. والقسم الثالث أن يباع النخل مع قرارها مفردة عما يتخللها من بياض الأرض ففي وجوب الشفعة فيها وجهان، وكذلك بيع البناء مع قراره دون البياض على هذين الوجهين:
" أحدهما " فيه الشفعة لأنه فرع لأصل ثابت " والوجه الثاني " أنه لا شفعة فيه لان قرار النخل يكون تبعا لها، فلما لم تجب الشفعة فيها مفردة لم تجب في تبعها فإذا تقرر هذا وكان المبيع شقصا من أرض ذات نخل وشجر فزادت بعد البيع وقبل أخذ الشفيع لغيبه أو عذر لا تبطل به الشفعة لم يخل حال الزيادة من أحد أمرين: إما أن تكون مثمرة أو غير مثمرة، فإن كانت الزيادة غير مثمرة كالفسيل إذا طال وامتلأ، والغرس إذا استغلظ واستوى فللشفيع أن يأخذ ذلك بزيادته، لان مالا يتميز من الزيادة تبعا لأصله، وإن كانت الزيادة متميزة كالثمرة الحادثة بعد البيع فلا يخلو حالها عند الاخذ بالشفعة من أن تكون مؤبرة أو غير مؤبرة، فإن كانت مؤبرة فلا حق فيها للشفيع وهي ملك المشتري، لان ما كان مؤبرا من الثمار لا يتبع أصله وعلى الشفيع أن يقرها على نخله إلى وقت الجداد، وإن كانت الثمرة غير مؤبرة ففي استحقاق الشفيع لها قولان:
أحدهما: يستحقها لاتصالها كما يدخل في البيع تبعا. وهذا قوله في الجديد، ويكون الفرق بين الشفعة والبيع أن البيع نقل ملك بعوض عن مراضاة فجاز أن يكون ما لم يؤبر من الثمار تبعا للقدرة على استثنائها بالعقد، والشفعة استحقاق ملك بغير مراضاة فلم يملك بها الا ما تناوله العقد، وهكذا الحكم في كل ما استحق بغير مراضاة كالشفعة والتفليس، أو يكون بغير عوض كالرهن والهبة، هل يكون ما لم يؤبر من الثمار فيها تبعا لأصلها على ما ذكرنا من القولين (فرع) أما قوله: إذا أراد الشفيع أن يأخذ الشقص ملك الاخذ الخ، فقد مضى قولنا ما حاصله إن كان الشفيع قادرا على الطلب فله ثلاثة أحوال:
(ا) أن يبادر إلى الطلب فهو على حقه من الشفعة ولا يحتاج إلى حكم حاكم في الاخذ بها، لأنها ثبتت بالنص الصحيح المرفوع وبالاجماع، ولم يشذ الا الأصم، وللحاكم أن ينظره حتى يحضر الثمن يوما أو يومين.