سبق أحدهما فادعى وحلف المدعى عليه استقر ملكه. ثم يدعى الحالف على الآخر فإن حلف أستقر أيضا ملكه. وإن نكل الأول ردت اليمين على المدعى فإذا حلف استحق، وإن أراد الناكل أن يدعى على الآخر بعد ذلك لم تسمع دعواه، لأنه لم يبق له ملك يستحق به الشفعة (الشرح) الأحكام: سبق الكلام في ميراث الشفعة في فصل مضى، فإذا صح ما ذكرنا لم يخل أن يكون موت الشفيع قبل البيع أو بعده، فإن كان موته قبل البيع فالشفعة إنما حدثت على ملك الورثة، ولم يكن للموروث فيها حق لتقدم موته على البيع، ثم يكون بين جميع من ملك ميراث الحصة، وفيها قولان (أحدهما) أنها بينهم على عدد رؤوسهم، الزوجة والابن فيها سواء على ما حكاه المزني عن الشافعي.
(والثاني) أنها مقسطة بينهم على قدر مواريثهم للزوجة الثمن وللابن الباقي وعلى هذا لو عفا أحد الورثة لم يسقط حق من لم يعف، وكان لمن بقي من الورثة - ولو كان واحدا - أن يأخذ جميع الشفعة كالشراء، فإذا عفا بعضهم عاد حقه إلى من بقي، وان مات الشفيع بعد البيع فقد ملك الشفعة بالبيع وانتقلت عنه بالموت إلى ورثته، ويستوى فيها الوارث بنسب وسبب، وهي بينهم على قدر مواريثهم للزوجة الثمن والباقي للابن قولا واحدا، لأنهم إنما يأخذونها عن ميتهم فكانت بينهم على قدر مواريثهم، ويكون تأويل ما نقله المزني عن الشافعي أن امرأته وابنه في ذلك سواء، يعنى في استحقاقها لجميع الورثة، لا يختصر بها بعضهم دون بعض.
قال الماوردي: كان بعض أصحابنا يغلط فيخرج ذلك على قولين ويجعل ما نقله المزني أحد القولين.
فعلى هذا لو أن أحد الورثة حضر مطالبا قضى له بجميع الشفعة، والقول الثاني وهو أصح أنه لا يرجع على من بقي، لان جميعهم شفيع واحد. وليسوا كالشركاء الذين كل واحد منهم شفيع مستقل، فعلى هذا لو حضر أحد الورثة مطالبا لم يقض له بشئ حتى يجتمعوا، فإن عفا أحدهم عن حقه فهل تبطل بحقه