شفعة من بقي على وجهين " أحدهما " وهو قول أبي علي بن أبي هريرة: إنها قد بطلت وسقط حق من لم يعف لأنها شفعة واحدة عفا عن بعضها فصار كالشفيع إذا عفا عن بعض شفعته سقط جميعها. والثاني وبه قال أبو حامد الأسفراييني:
إن من لم يعف على شفعته يأخذ منها بقدر ميراثه ولا يكون عفو غيره مبطلا لحقه بخلاف الواحد إذا عفا عن بعض شفعته، لان الواحد قد كان له أخذ جميعها فجاز أن يسقط بعفوه عن البعض جميعها، وليس كذلك أحد الورثة لأنه لا يملك منها إلا قدر حقه فلم يبطل بالعفو عن غير حقه، ولان العافي عن البعض مختار للعفو فجاز أن يسرى عفوه في جميع حقه، وليس الباقي من الورثة مختارا للعفو فلم يسر عفو غيره في حقه.
(فرع) إذا ادعى على شريكه: أنك اشتريت نصيبك من عمرو فلي شفعته فصدقه عمرو فأنكر الشريك وقال: بل ورثته من أبى فأقام المدعى بينة أنه كان ملك عمرو لم تثبت الشفعة بذلك، وقال محمد بن الحسن: تثبت. ويقال له: إما أن تدفعه وتأخذ الثمن وإما أن ترده إلى البائع فيأخذه الشفيع منهما لأنهما شهدا بالملك لعمرو فكأنهما شهدا بالبيع فإذا ادعى الشفيع على بعض الشركاء أنك اشتريت نصيبك فلي أخذه بالشفعة فإنه يحتاج إلى تحرير دعواه فيحدد المكان الذي فيه الشقص، ويذكر قدر الشقص والثمن ويدعى الشفعة فيه، فإذا فعل ذلك سئل المدعى عليه، فإن أقر لزمه. وان أنكر وقال: إنما اتهبته أو ورثته فلا شفعة لك فيه فالقول قول من ينفيه، كما لو ادعى عليه نصيبه من غير شفعة، فإن حلف برئ وان نكل وقضى عليه. وان قال: لا تستحق على الشفعة، فالقول قوله مع يمينه، ويكون يمينه على حسب قوله في الانكار. وإذا نكل وقضى عليه بالشفعة عرض عليه الثمن فإن أخذه دفع إليه، وان قال لا أستحقه ففيه ثلاثة أوجه 1 - يقر في يد الشفيع إلى أن يدعيه المشترى فيدفع إليه، كما لو أقر له بدار فأنكرها. 2 - أن يأخذه الحاكم فيحفظه لصاحبه إلى أن يدعيه المشترى. ومتى ادعاه دفع إليه