فبقي على شفعته فان أخذه بثمن مستحق ففيه وجهان أحدهما تسقط لأنه ترك الاخذ الذي يملك به من غير عذر والثاني لا تسقط لأنه استحق الشقص بمثل الثمن في الذمة فإذا عينه فيما لا يملك سقط التعيين وبقى الاستحقاق كما لو اشترى شيئا بثمن في الذمة ووزن فيه ما لا يملك.
(الشرح) قال الشافعي وللشفيع الشفعة بالثمن الذي وقع به البيع، وهذا كما قال: وإنما أخذه بالثمن لرواية بعضهم ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم نصا، ولأنه يدخل مدخل المشترى فوجب أن يأخذ الشقص بما أخذه المشترى، ولان عدولهما عن الثمن لا يخلو من ثلاثة أحوال فاسدة، إما أن يأخذه بما يرضى به المشترى، وفى ذلك ضرر على الشفيع لأنه قد لا يرضى إلا ببعض الثمن، وإما أن يأخذه بالقيمة فقد تكون أقل من الثمن فيستضر المشترى وقد يكون أكثر من الثمن فيستضر الشفيع، وإذا بطلت هذه الأحوال فثبت أخذه بالثمن.
فإذا ثبت أن الشفيع يأخذه بالثمن فلا يخلو أن يكون الثمن مما له مثل كالدراهم والدنانير والبر والشعير أو مما لا مثل له كالحيوان والعروض، فإن كان مما له مثل أخذه بمثله جنسا وصفة وقدرا، وإن كان مما لا مثل له اخذه الشفيع بقيمته في أقل الأحوال من وقت العقد إلى وقت تسليم المشترى له إلى البائع، لأنه إن زاد فالزيادة حادثة في ملك البائع لم يتناولها العقد، وإن نقص فالنقصان مضمون على المشترى فخرج من العقد.
فلو كان الثمن ألف درهم فدفعها المشترى إلى البائع فوجدها البائع زيوفا فهو بالخيار بين أن يسامح وبين أن يبدلها، فإن رضى بها فللشفيع أن يأخذ الشقص بألف درهم جياد، أو لو كان الثمن حيوانا فاعور الحيوان في يد المشترى فللبائع الخيار بين فسخ البيع في الحيوان وبين الرضا بالعور وإمضاء البيع فإن رضى بالعور أخذه الشفيع بقيمة الحيوان أعور. وقال أبو حنيفة: يأخذه بقيمته سليما كما يأخذه بمثل الألف جيادا، لأنه ليس الرضا بالعيب الحادث خطأ في الثمن وهذا خطأ، لان رضاه بعيبه رضا منه بأنه هو الثمن بعينه والفرق بين الحيوان والألف أن عور الحيوان لما أحدث له خيارا في فسخ البيع صار الحيوان