والوجه الثاني: وهو ظاهر المذهب أن حكم الوصايا أغلب عليه لامرين.
أحدهما اعتباره من الثلث، والثاني: ملك الشقص من لم يملك الخدمة.
وأما ما اختلف قوله في وجوب العوض فعقد الهبة اختلف قوله في وجوب المكافأة عليها فقال في القديم والاملاء بالوجوب، فعلى هذا تجب الشفعة بهما بالثواب الذي تجب به المكافأة، فعلى هذا لو شرط الثواب فيها قدرا معلوما كان على قولين.
أحدهما قاله في الاملاء: إن الهبة جائزة والشفعة فيها واجبة بالثواب المشروط، لأنها إذا صحت مع الجهل بالثواب كانت مع العلم به أصح.
والقول الثاني: إن الهبة بشرط الثواب باطله، والشفعة فيها ساقطه لان العوض فيها يجعلها بيعا والبيع بلفظ الهبة باطل، فهذا حكم الهبة على قوله في القديم والاملاء. وقال في الجديد: ان المكافأة على الهبة غير واجبه، فعلى هذا لا شفعة بها، ويكون في انتقال الملك بها في سقوط الشفعة به كانتقاله بالميراث فهذا حكم الفصل.
وأما القسم الثاني: وهو ما تجب فيه الشفعة فهي عراص الأرضين وما يتبعها متصلا دون غيرها، وهي على ثلاثة أنواع، أحدها ما وجب في الشفعة معقودا وهي عراص الأرضين المحتملة للقسمة الجبرية، فإن لم تحتملها لصغرها كطريق ضيقه وبياض يسير فلا شفعة هكذا حكاه الماوردي.
وقال أبو العباس بن سريج: يجب فيه الشفعة تعليلا بسوء المشاركة، واستدامة الضرر بها لتعذر القسمة، وبه قال أبو حنيفة. وعند الشافعي أنه لا شفعه فيها تعليلا في وجوبها بالخوف من مؤونة القسمة وأن ما لا يقسم جبرا فلا شفعة فيه لارتفاع الضرر بمؤونة القسمة.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله " لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبة ولا ركح ولا رهوة " رواه أبو الخطاب من أصحاب الإمام أحمد في رؤوس المسائل، والمنقبة الطريق الضيقة تكون بين الدارين والركح بضم الراء ناحية البيت من ورائه وما كان فضاء للسابلة والمارة، والرهوة الجوبة تكون في محلة القوم يسيل فيها ماء المطر وغيره.