قال الإمام أحمد: هذا الحديث منكر. وقال ابن معين: لم يروه إلا عبد الملك وقد أنكر عليه.
وقال بعض علماء الحنفية: يلزم الشافعية القائلين بحمل اللفظ على حقيقته ومجازه أن يقولوا بشفعة الجوار، لان الجار حقيقة في المجاور مجاز في الشريك وأجيب عنه بأن محل ذلك عند التجرد عن القرائن، وقد قامت القرينة هنا للمجاز فان حديث جابر صريح في اختصاص الشفعة بالشريك، وحديث أبي رافع مصروف الظاهر اتفاقا، لأنه يقتضى أن يكون الجار أحق من كل أحد حتى من الشريك، ولا قائل به، فان القائلين بشفعة الجوار قدموا الشريك مطلقا، ثم المشارك في الطريق ثم الجار على من ليس بمجاور.
(قلت) واختار شيخ الاسلام ابن تيمية ثبوت الشفعة للجار بشرط أن يكون شريكا في الطريق محتجا بآخر حديث جابر مرفوعا: الجار أحق بشفعة جاره. قال، وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية أبى طالب حيث قال: إذا كان طريقهما واحدا شركاء لم يقتسموا، فإذا طرقت وعرفت الحدود فلا شفعه.
قلت: واختار بعض الحنابلة هذا الرأي ولكن لو استعرضنا مذهب الجمهور في نفى شفعة الجار لوجدنا أمة من الصحابة والتابعين كعمر وعثمان وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والزهري ويحيى الأنصاري وأبو الزناد وربيعة والمغيرة بن عبد الرحمن ومالك والأوزاعي وأحمد والشافعي وأبو ثور وابن المنذر.
وقال ابن شبرمة والثوري وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي: الشفعة بالشركة ثم بالشركة في الطريق ثم بالجوار.
ولان الشفعة ثبتت في موضع الوفاق على خلاف الأصل لمعنى معدوم في محل النزاع فلا تثبت فيه.
وبيان انتفاء المعنى هو أن الشريك ربما دخل عليه شريك فيتأذى به فتدعوه الحاجة إلى مقاسمته، أو يطلب الداخل المقاسمة فيدخل الضرر على الشريك بنقص قيمة ملكه وما يحتاج إلى احداثه من المرافق، وهذا لا يوجد في المقسوم. م 10: 14