والوجه الثاني وهو الأصح، لأنه بدل من الصياغة والعمل الذي لا يدخله الربا، ولو دخله الربا إذا كان ذهبا لدخله الربا وإن كان ورقا، لأنه لا يجوز أن تباع مائة دينار بمائة دينار ودرهم، كما لا يجوز أن تباع بمائة دينار ودينار.
والضرب الثاني: أن يكون محظور الاستعمال كالأواني، ففي ضمان صياغته وجهان بناء على اختلاف الوجهين في إباحة ادخارهما (أحدهما) ان ادخارها محظور وصياغتها غير مضمونة لأنها معصية لا تقر فلم تضمن، كصنعة الطنبور والمزمار والعود والبيانة لا تضمن صنعتها إذا نقضت أوتارها أو تلفت أزرارها لأنه لا يضمن النقص في الايقاع.
والوجه الثاني: أن ادخارها مباح وصياغتها مضمونة، فعلى هذا في كيفية ضمانها وجهان على ما مضى.
(فرع) إذا غصب منه تمرا فجعله دبسا (عجوة) أو سمسما فعصره شيرجا، أو زيتونا فاعتصره زيتا فللمغصوب أن يأخذ ذلك كله ويرجع بالنقص إن حدث فيه، فإن ترك ذلك على الغاصب وطالبه بالبدل عن أصل ما غصبه فلا يخلو حال الشئ المغصوب من أحد أمرين، إما أن يكون له مثل أو مما لا مثل له، فإن كان مما لا مثل له كالعجوة (التمر اللصيق) وكان يكنز بالبصرة قديما وحديثا، وعندنا في ديارنا يصنع مثله في واحة سيوه، رجع على الغاصب بما استخرجه من دبسه لأنه غير ماله، ولم يكن له المطالبة بقيمة تمره، لان أجزاء المغصوب أخص به من قيمته، وإن كان مما له مثل كالسمسم فعلى وجهين (أحدهما) أنه بمثابة مالا مثل له في استرجاع ما استخرج منه. والثاني أن المغصوب منه يستحق المطالبة بمثل الأصل لأنه أشبه بالمغصوب من أجزائه الأمر الثاني: وهو على أربعة أضرب (الأول) أن يكون له مثل والمستخرج منه مما ليس له مثل، كالحنطة إذا طحنها فيكون للمغصوب منه أن يرجع بمثل الأصل من الحنطة ولا يرجع بقيمة الدقيق، لان مثل ذي المثل أولى من قيمته.
فإن كانت الحنطة بعد الطحن قد زادت قيمتها دقيقا على قيمتها حبا استحق المغصوب منه أن يرجع على الغاصب بعد أخذ المثل بقدر الزيادة في الدقيق كما لو غصب دابة فسمنت ثم ردها بعد ذهاب السمن ضمن نقص السمن الحادث في يده