(الشرح) الأحكام: فرق المصنف بين الاخذ منه قهرا وتسليمها للظالم قهرا فالأخذ قهرا بدون أن يسلم فيها حتى استطاع الظالم أن ينتزعها لم يضمن، أما إذا أكره على تسليمها فسلمها، فإن للمالك تضمينه على أصح الوجهين إذ لا فرق بين أن يسلمها مجبرا وبين أن يسلمها مختارا، ويرجع الوديع على الظالم بما غرمه كما يرجع المالك أيضا، وعلى الوجه الثاني: ليس للمالك تضمين الوديع، لأنه أكره ويرجع المالك على الظالم في كلا الحالين، وهما مبنيان على الوجهين فيمن أكره في الصوم على الاكل.
(أحدهما) لا يكون مفطرا (والثاني) يحكم بإفطاره. ويجب على الوديع إنكار الوديعة عن الظالم والامتناع عن اعلامه بها جهده، فإن ترك ذلك مع القدرة ضمن، ويجوز له أن يحلف على ذلك لحفظها، ويجب عليه إذا أمكنته التورية أن يورى فإن لم يمكنه صرح بغير تورية منكرا لها وكفر عن يمينه (فرع) لا خلاف في وجوب رد الوديعة على مالكها إذا طلبها لقوله تعالى " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " ولقوله صلى الله عليه وسلم " أد الأمانة إلى من ائتمنك " يعنى عند طلبها، ولأنها حق لمالكها لم يتعلق بها حق غيره فلزم أداؤها له كالمغصوب والدين الحال، فإن أمتنع فتلفت ضمنها لأنه صار غاصبا لامساكه مال غيره بغير إذنه، أما ان طلبها في وقت لا يمكن دفعها إليه لبعدها أو لمخافة في طريقها أو للعجز عن حملها أو غير ذلك لم يكن متعديا بترك تسليمها لان الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فان تلفت لم يضمنها لعدم عدوانه، فإذا قال: أمهلوني حتى أقضى صلاتي أو آكل لأني جائع أو أنام فاني ناعس أو ينهضم عنى الطعام فاني ممتلئ أمهل بقدر ذلك.
(فرع) إذا تعدى في الوديعة بأي من أنواع التعدي كجحودها ثم عاد فأقر بها انتقلت يده من الائتمان إلى الضمان ولو زالت أسباب ذلك بالاقرار فإنه يبقى على الضمان ولا يبرأ منه الا بالرد وان أقام البينة على تلفها بعد جحودها لم يسقط عنه الضمان، فلو أقام البينة بتلفها قبل جحودها فهل تسمع بينته؟ فيه وجهان.
أحدهما: لا تسمع بينته لأنه مكذب لها بانكاره الايداع. والثاني: تسمع بينته،